عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

لاشك كما قلنا مرارا وتكرارا أن تطوير ونهضة وإصلاح التعليم بكل مراحله هو القاطرة الحقيقية التى تقود المجتمعات والدول إلى التقدم والرقى. ولاشك أيضا أن الدولة المصرية تبذل جهودا مشكورة فى هذا الاتجاه لكنها للأسف جهود مشتتة لايجمعها استراتيجية وطنية واضحة فضلا عن أنها تركز على الكم وليس على الكيف كما تركز على الهوامش دون المتن !! إنها تركز على الاسراع فى إنشاء كم كبير من المدارس والجامعات الحكومية والأهلية فضلا عن الاتجاه غير المحمود إلى إنشاء فروع كثيرة للجامعات الأجنبية من كل الجنسيات على أرض مصر متناسين أن كل ذلك يستند أولا وأخيرا على الإمكانات البشرية والعلمية للجامعات الحكومية !! فضلا عن عدم تقدير خطورة هذه الفسيفساء العلمية الملونة بكل الجنسيات واللغات الأجنبية على الانتماء الوطنى والتغريب الذى يعانيه أبناء الوطن وهم على أرضه!!

إننا تناسينا فيما يبدو أن المدارس والجامعات الحكومية وتطويرها هي جوهر الموضوع وليس الجرى وراء هذه الموجة الهادرة من التغريب بين المدارس والجامعات الأمريكية والانجليزية واليابانية والألمانية والكندية والصينية.. إلخ. ولكم كتبنا وقلنا أن هناك فرقا بين أن نستفيد من التجارب الناجحة لهذه الدول المتقدمة ونظمها التعليمية وبين أن نزرعها بأسمائها الأجنبية فى البيئة التعليمية المصرية !! فالبديل الأول يصب فى خانة تخليق نظام تعليمى مصرى وطنى متطور نابع من البيئة المحلية وحاجاتنا الوطنية مستفيدا من كل تلك التجارب الناجحة للدول المتقدمة، والبديل الثانى – وهو مانراه حاليا – يشوه وجه مصر ويفتت الوحدة العضوية والانتماء الثقافى لأبنائها !! وكم أتمنى أن ينظر القائمون على التعليم فى مصر فى ذلك !! إن التجارب الناجحة فى تطوير نظام التعليم فى أى دولة من الدول المحترمة المتقدمه لايستنسخ ولايستنبت تجارب أجنبية أخرى وان استفاد منها !!

إن الاستراتيجية المصرية لتطوير التعليم ينبغى أن تقوم على التمصير وليس على التغريب. وكم أحزن حينما يقول القائلون بأن بيننا وبين العالم المتقدم فجوة واسعة لا يمكننا تخطيها إلا بتقليدهم واستنساخ مدارسهم وجامعاتهم، ويتناسى هؤلاء أن علماءنا وأساتذة جامعاتنا فى غالبيتهم ليسوا أقل كفاءة من الآخرين، فهم ببساطة يبحثون فى نفس الموضوعات وينشرون فى نفس الدوريات، فالعلم وخاصة فى العلوم الطبيعية والرياضية يتسم بالتراكمية والإضافة البحثية فيه لها معايير واحدة ومشتركة بين كل باحثى العالم، والكثير من علمائنا الآن ينشرون بحوثهم فى كل الدوريات العالمية ولولا ضيق ذات اليد وضعف امكانياتنا المعملية وقلة الموارد البحثية لحصل الكثير منهم على أبرز الجوائز العالمية، أما فى العلوم الاجتماعية والانسانية فلدينا كم هائل من المفكرين والعلماء الذين يملكون الكفاءة والخبرات التى تجعلهم لو ترجمت أعمالهم فى مصاف كبار مفكرى وعلماء العالم. والحقيقة أنه فى هذا المجال ليس مهما المنافسة العالمية بقدر مايهم فيها أن ينشغل الباحثون بتوصيف مشكلاتنا الفكرية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والبحث عن حلول لها !

وليس خافيا علينا الآن أن بعض جامعاتنا الحكومية وبامكانياتها المتواضعه وماتواجهه من تحديات ضخمة أصبحت موجودة ومنافسة على الخريطة العالمية. والسؤال الآن : اذا كان ذلك كذلك فأين المشكلة وماهو حلها ؟! فى اعتقادى أن المشكلة الأولى تكمن فى نقص الامكانات المادية والمعامل البحثية المتقدمة وكذلك فى عدم الاهتمام الكافى بعلمائنا ومعلمينا الذين يصارعون الحياة والبحث العلمى بمرتبات لاتليق ولاتفى بالحد الأدنى من متطلبات المعيشة !! إن المعلم والعالم ينبغى أن يتقاضى – كما فى دول العالم التى تستوردون نظمها التعليمية – أعلى راتب ممكن لتضاهى مكانته مكانة أعلى المناصب فى الدولة، فهو القائم على مهمة تربية وتعليم كل هؤلاء، وهو القدوة التى ان صلحت صلح المجتمع كله علما وخلقا. ومع ذلك وقبله ينبغى تغيير كل القوانين المكبلة للبحث والتقدم العلمى سواء فى التعليم قبل الجامعى أو فى التعليم الجامعى وأهمها مثلا اقرار مبدأ الثواب والعقاب لانهاء خدمة من يتوقفون عن تطوير أنفسهم وآدائهم من مدرسى المدارس والجامعات، فليس من المعقول ولا المقبول أن يبقى أي من هؤلاء على نفس الدرجة العلمية عشرات السنين دون أن يترقى أو يقدم جديدا فى مجال عمله بحثيا واداريا !!

[email protected]