عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

من نقطة الأصل

إن أى محقق مدقق لهذه الظاهرة فى جميع مرافق ومؤسسات الدولة يعلم كيف حدث الانفلات أو الانقلاب فى معايير تقييم العمل نوعاً وكماً وبالتالى ما يقابله من أجور الثابت فيها والمتغير منها.. كيف إذا حدث هذا التضارب فى الموازين بين القمة والقاعدة وما بينهما فى كل مؤسسة؟!.. كيف بدأ وكيف تشعب وكيف سار؟.. ثلاثة اتجاهات كل منها على جانب غير يسير من التعقيد، نكرر.. البداية..التشعيب.. المسيرة.. ألقى بعض المؤشرات بهذا الصدد.. ولنرجع إلى الموقف قبل 1952 ثم إلى فترة حكم محمد نجيب ومع من تلاه.. كان مخصصاً لوزير المالية فى سنة 1947 – وكان مهندساً من قريتنا سنهور المدينة مركز دسوق – عربة بكار قديمة موديل 1936!.. والحراسة جندى.. وصول مرافق!.. أما عبدالسلام فهمى جمعة باشا رئيس مجلس النواب فكان يستقل القطار من مدينة طنطا إلى القاهرة، ومن محطة مصر إلى مقر مجلس النواب بالسيارة المخصصة له!.. أين هذا من العربات التى خصصت فى العهود الثورية لأمثاله.. عربات فارهة من أحدث الطرز ولها مواصفات خاصة وترك لهم حرية التحرك بها وعائلته فى جميع أنحاء الجمهورية!.. كانت مكافأة عضو مجلس أو رئيس المجلس فى العهود الليبرالية محدودة جداً.. مكافآت لا مرتبات!.. لا تنقل صاحبها مادياً من طبقة لطبقة بعد مضى سنوات المجلس!.. كان محمد نجيب يفرض فى كل الاجتماعات ساندويتشات الفول والطعمية، ويرفض ركوب العربات الفارهة!.. ثم تطور الأمر بعده فجأة واستخدم الأشاوس أفخر ماركات السيارات فى العالم بدءاً من الكاديلاك وما فى مستواها من أحداث سنوات الإنتاج!.. نرصد بعد ذلك، وعلى سبيل المثال، مرتبات أصحاب مجموعة من الوظائف قبل 52 وأثناء الأحداث المسماة بثورة 52 وصولاً إلى ما تلاها.. المدرس.. المهندس.. الطبيب.. الصحفى.. المذيع.. المحاسب.. الضابط.. كان مرتب المدرس بالمدارس الحكومية حتى المدرس بالجامعة بسيطاً عادياً والدروس الخصوصية منعدمة أو تكاد.. فماذا آل إليه الأمر بعد 1952 وحتى الآن.. إذا تتبعت مرتب المهندس بإحدى الشركات ونظيره بإحدى الوزارات سنجد الفروق منضبطة ومقبولة فى البداية ونفس الحال بالطوائف الأخرى أما فيما بعد 52 سترى العجب حيث انقلبت كل المعايير بالنسبة لبعضهم البعض وبالنسبة للبعض من نفس التخصص طبقاً للجهة التى يعمل بها.. مثلاً.. كم يتقاضى محاسب بإحدى الجهات الحكومية الآن، مهما قيل عن تحسين مرتبه، وكم يتقاضى زميل له فى أى بنك؟!.. الهوة سحيقة والمفارقة تبلغ مداها الأقصى حينما يكون مؤهلهما واحداً ولكن الأول حصل عليه بمرتبة الشرف بينما الثانى بمقبول بالعافية!.. ونفس الخيبة والمهانة فى الفروق بين الموظفين من بنك لبنك وفى نفس الدولة!.. لم يكن هذا أو مثيل له حادثاً فى العهد الليبرالى أبداً.. كم كان يتقاضى رؤساء مجالس الإدارات قبل 52 وبعد 52، فى فترات حكم نجيب، عبدالناصر، السادات.. ومن تلاهم حتى الآن؟!.. كم كان يتقاضى عضو مجلس الشعب فى عصر مبارك تحديداً من مكافآت أصبحت كالمرتبات.. ثم ماذا عن البدلات وعديد من المنح كالشقق والحوافز وما تجاوزها إلى السفريات خارج البلاد؟!.. ولماذا انقلبت المعايير ولم يعد أحد يرى الحد الفاصل بين المرتب والمكافأة والحافز!.. ثم دنى وتدلى أمر تعيين المستشارين من المحاسيب بعد المعاش بأكبر المؤسسات والشركات والمصالح والوزارات.. لماذا؟.. وماذا عن المؤسسات الصحفية.. كم كان يتقاضى الصحفى الشاب؟.. وما مدى صحة ما طفحت به الجرائد عن مرتبات كثيرين من رؤساء مجالس إدارتها؟.. مما سطرته أقلام كتاب عظام.. لم يكن الفارق أبداً فى أى وقت بهذه الجسامة بين مرتب الشاب المبتدئ فى أى مصلحة وبين رئيسها فى نهاية المطاف.. فكيف تدرج الأمر وآل إلى ما وصل إليه؟!.. فإذا انتقلنا إلى البرامج التليفزيونية ومرتبات المذيعين والمذيعات سنرى عجباً من نوع آخر وطفرة غير مسبوقة بينهم وبين نظائرهم فى المصالح الأخرى والأرقام بهذا الصدد فلكية مخيفة!.. موظف جامعى  حصل على أعلى درجة علمية رصد مرتبة من بداية تعيينه حتى بلغ سن المعاش فوجد أن كل ما حصل عليه لم يصل إلى ما منح لأحد أعضاء المجلس الموقر فى دورة واحدة؟.. ثم التفاوت بين أصحاب المعاشات ممن وصلوا إلى نفس الرتبة سواء من المدنيين أو العسكريين.. التفاوت شديد وخطير.. مع الأخذ فى الاعتبار القيمة السوقية للجنيه فى مختلف العقود.. وإليكم هذه الطرفة الحقيقية.. عندما أحيل إلى المعاش أحد موظفى الدرجة الأولى من المدنيين بعد عدة سنوات وعندما توجه إلى أحد البنوك المحول إليها معاشه وجد ساعى مكتبه أمامه وكان قد وصل إلى نفس درجته تحت مسمى آخر أو عمالى يقبض تقريباً نفس المرتب!.. أما المفارقة الأعظم أن يحدث مثيل لهذا أيضاً عن ذوى الكوادر الخاصة.. طبعاً البناء القانونى على أساس التفاوت فى تاريخ الإحالة على المعاش!.. أما المضحك المثير فهو العدوى التى انتشرت فى هذا المجال لتطول الفن وأربابه فنرى أن فناناً شعبياً - هكذا يقال - قد جمع فى شهور ما لم يحصل عليه خالد الذكر محمد عبدالوهاب ومحمد فوزى وعبدالحليم مجتمعين طوال حياتهم.. ونفس الحال فى مجال الكوميديا ولكنها مع مفارقاتها لا تطال أبداً كوميديا دنيا الأجور والمرتبات فى سائر المرافق والمؤسسات!