رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مكنونات الثقافة المصرية:

يعيش المصرى فى صراع أزلى مع السلطة، خاصة مع الحكومات التى تكون ملكية أكثر من الملك، والتى تتفاخر بأنها لا تعمل إلا «طبقا لتوجيهات السيد الرئيس». ورغم أن الدستور المصرى يحدد شروطا ومعايير يجب أن تتحقق فى الوزير، إلا أن بعض هذه المعايير يتم التغاطى عنها عندما يتم اختيار الوزير من أهل الثقة. وهو ماكان يتم منذ عصر الفراعنة، حيث كان يتم اختيار الوزراء وفقا للولاء للملك ومواهبهم الخاصة وقدراتهم، أو أنهم  ورثوا المنصب عن آبائهم.

وقد كرس هذا الصراع موالاة الحكومة (لا نتحدث هنا عن حكومة بعينها أو فترة زمنية معينة) لمؤسسة الرئاسة على حساب تحقيقها لمصالح الشعب.

وقد سجل المصرى مواقفه واتجاهاته نحو الحكومات المتعاقبة على المركبات، التى لم يجد وسيلة أفضل منها للتعبير عن آرائه فيمن يحكمونه. فلا الإعلام يعطيه مساحة للتعبير، ولا الأحزاب توليه أية أهمية، ولا المجالس النيابية تمثله. وكلها عبارات غير مباشرة تعكس مكنونات النفس المصرية تجاه الحكومة، كما تعكس نظرة الحكومة إلى المواطن.

كتب أحدهم على سيارته النقل «عشمونى بالحلق خرمت انا وداني» فى إشارة إلى وعود الحكومة التى لا تتحقق. وكتب آخر «ياما جاب الغراب لأمه»، فما تمنحه الحكومة له هو فى الحقيقة لا يجلب معه سوى المصائب. وغالبا مايتسم الخطاب الحكومى للمواطنين بالقسوة، مما حدا بهذا المواطن أن يقول للحكومة « لاقينى ولا تغديني».

والمواطن فى الأعم أكثر وطنية من حكومته، ففى الوقت الذى تراجعت فيه قضية فلسطين عن الاهتمام الرسمي، نجد هذا المواطن البسيط كتب على ظهر تروسيكل «القدس عاصمة أبدية لفلسطين». وعن السياسات الخارجية نجد هذه العبارة على سيارة أجرة «أسد عليَّ، وفى الحروب نعامة» والمعنى فى بطن السائق. ورفع الأسعار مقدس عند كل الحكومات، وأهم من رفع مستوى معيشة المواطن. وهو ما أدركه صاحب هذه السيارة حيث كتب عليها «سولار فى التنك ولا مليون فى البنك». بعد الارتفاع المتسارع لأسعار المحروقات.

ويصل الإحباط بالمواطن إلى دعوته للحكومة أن تتركه فى حاله، فيقول سائق توكتوك «يا نحلة لا تقرصينى والا عايز منك عسل»، فهو لا يريد خير الحكومة إذا كان مبطنا بالشر والأذى. وكثيرا ما يغيب المسؤل عن الساحة فتحدث الفوضى والنهب للمرافق والأموال العامة، وهو ماعبرت عنه هذه العبارة على إحدى المركبات « إن غاب القط العب يا فار».

وإذا تحدث المواطن عن الكرامة والحق فى المشاركة السياسية باغتته الحكومة بهذه العبارة القاسية المكتوبة على إحدى المركبات «لما أنا أمير وإنت أمير مين يسوق الحمير».

وللإنصاف؛ هناك بعض الوزراء فى بعض الحكومات يعملون بإخلاص ويكون ولاؤهم للمواطن أكثر من السلطة، ولكنهم غالبا ما يُجبرون على ترك المنصب لأنهم يعملون عكس التيار الحكومى وضد أهدافها. يرحل هؤلاء وهم يرددون تلك العبارة الموجودة على إحدى المركبات «آخرة خدمة الغز علقة» (الغُز هم عسكر الأتراك الذين كانوا يحكمون مصر فى العصر العثماني، والعلقة وجبة ضرب، يعنى أنه مهما خدمت واخلصت لهم فى النهاية ستُضرب).

وأخيرا بمناسبة التغيير الوزارى المرتقب أرجو ألا أرى هذه العبارة على إحدى المركبات «ما أزفت من زفتى إلا ميت غمر» و«ما أسخم من ستى إلا سيدي». وغالبا ما ستكون هذه العبارة المكتوبة على إحدى المركبات هى شعار المواطن فى المرحلة القادمة للتعامل مع أية حكومة تأتى «لو ليك عند الكلب حاجه قوله يا كلب وتغور الحاجة».