رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

 

 

 

تستفزنى المعارك الصغيرة للكُتاب. يُحزننى انجرار البعض للملاسنات والدخول فى مقارعات لا طائل منها، الشخصى منها أكبر من القيمى.

 أستعين باعتراف الكاتب الراحل عبد الرحمن الخميسى «عشت أدافع عن قيثارتى ولا أعزف ألحاني» لأعتبره قانوناً عاماً لعملى فى الكتابة، لأتعلم أن معارك الكُتاب والمثقفين بعضهم البعض عبثية، لا طائل منها : المنتصر فيها مهزوم.

فى تاريخ الصحافة الحديثة معارك صاخبة، علت واستطالت وتنوعت أسلحتها وأساليبها لكنها لم تترك خيراً. أتذكر قبل أكثر من عشر سنوات حرب طاحنة جرت بين الكاتب الراحل عبد الله كمال، والأستاذ عادل حمودة، لم تُسفر عن أى جمال. كتب كلاهما كلاما موجعا عن الآخر لكن، لا شىء يُذكر لأن ما ينفع الناس وحده هو الباقى.

 قبلها كانت ثمة معركة صاخبة أخرى بين أحمد فؤاد نجم، وعادل حمودة، لأن الأخير كتب مقالا بعنوان «الجياد لا تباع فى السوبر ماركت» استنكارا لاحتفاء نجيب ساويرس بنجم، كشاعر ثورى مناضل، وهو ما اعتبره نجم إقحاماً له فى معركة عادل حمودة الخاصة مع ساويرس، ورد بكتاب ساخر خفيف يحمل عنوان «أنا بقى وعادل حمودة».

وحكى لى بعض السابقين فى مهنة المتاعب كيف وصل الصراع بين موسى صبرى وخصومه من الكُتاب إلى كشف خبر زواجه بالمطربة اللبنانية الكبيرة وكأنه فتح عظيم، والتلسين المسف على خصوصياته.

كذلك، فقد وصل الصراع بين الأستاذين هيكل ومصطفى أمين إلى حد وصم كل واحد منهما للآخر بكل نقيصة أخلاقية، ورغم عملهما السابق معا فإن الصراع الدائر بينهما أولا على عقل عبد الناصر، ثم على لقب أستاذ الصحافة وصل بهما إلى تحطيم كل إنسانى بينهما.

أتذكر ذلك وأنا مندهش لمعركة هشة بدت كأبرز ما شهده معرض القاهرة الدولى للكتاب الأخير، إذ طرح أحد الروائيين كتاباً لإهانة كاتب آخر له جمهور، لفتا للأنظار، وهو ما آثار استياء المثقفين، فأقام الدنيا ولم يقعدها عندما قرر الناشر تجميد إصدار الكتاب نظراً للضجة المثارة. وغضب منى الروائى الصديق لأننى استهجنت فعله، ورفضته، وانتقدته علنا، لكنى لم أتجرجر أن أدخل معه فى معركة. فكرت بهدوء : ماذا لو أنفق صاحبنا وقته فى كتابة نص جميل، طرح فكر مغاير، تحليل موقف ما، استقراء ابداع ساحر، والتفتيش فى دفاتر منسية؟

تذكرت حكايات عمنا الجميل بتسامحه ولطفه إبراهيم عبد المجيد، عندما كان يجد أى صراع فى أى مكان يعمل فيه فينسحب بهدوء. كان المبدع الكبير يندهش من صراع مَن هم حوله على منصب، مكافأة، أو مكانة ما، ويضحك بذكاء ويبتعد منشغلاً بمشروع إبداعى جديد. كانت كتابة الرواية بالنسبة له أجمل فعل، وشغل عقله وروحه ووجدانه دائما بها، لذا صار كما نراه الآن مبدعا جميلا ومتجددا.

أقول وكم قلت : لا جدوى للصراعات والحروب الكلامية. لا منطق فى الانشغال بما يتصوره البعض تصفية حسابات. لا ثارات تحيى للأبد، فالزمن كفيل بمحو أى غل إنسانى تجاه الآخر. إن كان لديك عسلك فلا تنشغل بمناحل الآخرين. امنحه للناس. ستربح.

والله أعلم.

[email protected]