عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

 

 «مصر تواجه تهديدًا وجوديًا، فقد بُنى كيان هائل على الشريان الذى يهب الحياة لشعب مصر» من أهم ما قيل فى كلمة وزير الخارجية المصرى سامح شكري، التى ألقاها خلال جلسة مجلس الأمن التى عُقدت الأسبوع قبل الماضى والتى جددت فيها مصر تسليط الضوء على تلك الأزمة الراهنة التى يواجهها أكثر من 100 مليون مصري، و 50 مليون سوداني، وهى بالفعل أزمة وجودية تتسبب فى تهديد الأمن والسلم العام داخل المنطقة، وحتمًا ستؤثر تلك الأزمة حال استمرارها على منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، ويبقى السؤال الأهم هل استفادت مصر والسودان من عرض القضية على المجتمع الدولى فى مجلس الأمن؟

على الرغم من استمرار التعنت الأثيوبى والمرواغة الواضحة ومحاولات استهلاك الوقت لفرض أمر واقع منذ بداية الأزمة، وكافة محاولات القيادة لضبط النفس، إلا أن الدبلوماسية المصرية قد نجحت بدعم وتعاون من الشقيقة تونس التى قدمت لمجلس الأمن مشروع قرار يلزم بالوصول إلى اتفاقية ملزمة لكافة الأطراف لملء السد و إدارته برعاية الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي. ويكمن مغزى النجاح فى مكاسب عديدة أولها تدويل القضية وتوضيح المغالطات والكذب الأثيوبى أمام العالم أجمع، فضلا عن كونها سابقة تاريخية أن يناقش مجلس الأمن أحد مشكلات ونزاعات المياه والأنهار الدولية. ربما أظهرت لنا النقاشات والكلمات التى ألقاها مندوبو الدول المختلفة، وخاصة الكبرى،  مواقف شديدة التخاذل ولكنها قطعا أوضحت لنا الكثير من لعبة المصالح الدولية و صراعات الدول الكبرى فى العالم وتشابك علاقاتها، وبالتأكيد ستجعلنا نراجع حسابات كثيرة فى علاقاتنا الدولية. ويبقى المكسب الأهم هو إبراء الذمة المصرى و بدا للعالم أجمع وضوح الموقف المصرى فنحن دعاة سلام لا حرب، ولكننا إذا اضطررنا إلى خيار فليس هناك بديل، وحسنا أجاب وزير الخارجية المصرى فى تصريحاته الإعلامية بعد الجلسة أن كافة الخيارات مفتوحة للحفاظ على وجود مصر وحقوقها.

فى ظل تراجع فرص الحلول الدبلوماسية لقضية السد الأثيوبي، يرى الكثيرين فى الداخل والخارج أن الصدام قد يكون حتميًا رغم رفض الكثير من الدول الكبرى علانية لفكرة الحل العسكرى لطبيعة تشابك مصالحها من جهة ومن جهة أخرى تورط بعضها فى مشكلات مماثلة وتخشى وجود سابقة تاريخية تؤثر على مصالحها، وربما كان هذا أحد الأسباب التى ترتكن إليها أثيوبيا فى تعنتها رغم هشاشة موقفها ومعاناتها من الاضطرابات الداخلية، ويفسر الكثير من الموقف الأثيوبى طوال فترة سنوات التفاوض العشر.

وربما يدفعنا ما حدث فى مجلس الأمن إلى إعادة صياغة ملف القضية بشكل أكثر دقة لحشد دعم دولى و إقليمى مكثف والبحث لماذا غاب عنا دعم الأصدقاء فى الصين وروسيا بشكل واضح رغم قوة وتشابك علاقتنا معهم؟، ويجب أن ينصب التركيز الآن على ضرورة وجود حملات تسويق دولية واسعة ومكثفة لبيان الآثار المحتملة لسد الخراب الأثيوبى على مصر والسودان، وتوضيح حقيقة أنها ليست قضية تنمية كما تدعى أثيوبيا، ولكنها قضية سيطرة إقليمية وهدم الثوابت والحقوق التاريخية لمصر والسودان فى مياه النيل.

ويبقى الأهم بالفعل أنه قد حان وقت الاصطفاف الوطنى خلف قيادتنا السياسية وتجديد الثقة وتفويض القيادة السياسية باتخاذ ما تراه من إجراءات وقرارات مصيرية تحفظ حقوقنا، والمؤكد أن القيادة السياسية لن تفرط فى قطرة ماء واحدة، ولكن يجب أن نكون جميعا مستعدين لمواجهة كافة الاحتمالات والتحديات أيًا كانت صعوبتها فهى قضية وجود وليست قضية مياه فقط، ولا يمكن تصور تحكم أثيوبيا فى مقدرات وجودنا.

---

عضو مجلس الشيوخ

مساعد رئيس حزب الوفد