رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كنوز الوطن

 

 

كثيرون يرحلون فينتهى ذكرهم، وقليلون تبقى ذكراهم بين الناس طويلًا لعلمهم النافع وتأثيرهم الواضح والمحبة التى صنعوها بين الناس والمكانة التى حجزوها فى القلوب، فمهما مر الزمان لا تنسى كلماتهم ولا تمحى عظاتهم، بل تظل كالذهب الخالص، تزداد بريقًا يومًا بعد الآخر، والدكتورة عبلة الكحلاوى واحدة من هؤلاء الذين لم ينطفئ نور علمهم برحيلهم، بل بقى مضيئًا منيرًا للكثيرين، لا يأتى ذكرها فى مجلس إلا وتسمع الثناء عليها وترى علامات المحبة لها باقية بين الجميع، لا ينسون بشاشتها وبساطتها وطيبتها وحسن حديثها ورقة نصائحها، فلم تكن عالمة متحذلقة، ولا داعية متكلفة، أو فظة العبارة، بل إنسانة تدرك أن العلم للهداية وليس للمزايدة، والدين لنفع الناس وليس لتهديدهم وتخويفهم ووعيدهم، كان مبدؤها بشروا ولا تنفروا، وقناعتها أن العلماء ورثة الأنبياء، ومن ملك العلم فعليه أولًا أن يتخلق بخلق الأنبياء من تواضع النفس وأدب الحديث وصالح الأعمال، كان أسلوبها واصلًا إلى كل الفئات، لا فرق بين فلاح بسيط ومثقف ومتفقه، صدقت النية فسكنت القلوب، عشقت وطنها فلم تبع نفسها لجماعة ولم ترهن علمها لأيدلوجية، بل سخرته لخدمة الناس والدفاع عن مصر وترابها ونفع شبابها ومواجهة كل ما يحيط بهم من رذائل وما يتهددهم من أفكار متطرفة وفتن وجماعات تتدثر بالدين كذبًا وتخدع الناس بشعارات وهمية وهم فى الحقيقة لا يريدون سوى مصالح سياسية ومكاسب ضيقة على مقاسهم.

‏ýمن حبها لوطنها كان حرصها الدائم على المساهمة ودعم البسطاء والغلابة والمساكين من أبناء هذا الشعب الطيب فقررت أن تنشئ هى وزوجها الراحل جمعية الباقيات الصالحات، مشروع كان حلمها مع زوجها وهما يعملان سويًا فى المملكة العربية السعودية وقررا العودة إلى مصر من أجل تحقيقه، أخذ منهما كل ما يملكانه من تحويشة العمر، قالت لى يومًا إنها قررت أن تتفرغ لهذا الحلم الذى يخدم البسطاء والمرضى من كبار السن ومرضى الزهايمر والأطفال اليتامى، وبالفعل ‏ýبفضل إخلاصها فى هذا العمل الخيرى أصبح سريعًا واحدة من علامات المقطم لفخامة المبنى وقيمة المعنى الذى يجسده والعنصر البشرى الذى انتقته الدكتورة عبلة بكفاءة عالية وإنسانية تتطلبها طبيعة هذه المؤسسة التى مازالت تؤدى رسالتها على أكمل وجه كما تمنتها العالمة الفاضلة، وحتى بعد رحيلها يقف على نجاح هذه المؤسسة نجلتاها د. مروة ودكتورة ردينة اللتان أخذتا منها حب الناس ومساعدة المحتاجين وقررا العمل ليل نهار من أجل أن تواصل المؤسسة دورها.

كانت تربطنى بالراحلة د. عبلة الكحلاوى علاقة من نوع خاص، كنت دائم التواصل معها لأنهل من علمها وأستمع إلى دعواتها، ورغم رحيلها ما زلت أحتفظ على هاتفى بعدد كبير من تلك الدعوات ونصائحها وأمنياتها وتشجيعها الدائم لكل عمل أو نشاط وأفخر بقربى منها، وأتذكر جيدًا مكالمتها لى فور وفاة أمى وكيف كانت حليمة ورحيمة ولن أنسى كلماتها التى منحتنى قوة فى المحنة ودعواتها لإمى بعد وفاتها التى أستمع إليها بين الحين والآخر فكان صوتها يبعث إلى بالطمأنينة والراحة وكانت تنزعج بشدة لأى حادث يتعرض له أى مواطن مهما كان فكانت عالمة تقدم العلاقة الإنسانية على المصلحة.

‏ýهذه هى العظيمة الراحلة عبلة الكحلاوى التى تعلمنا منها الانتماء الحقيقى وتواضع العلماء وجبر خواطر البسطاء ومساعدة كل من يريد المساعدة لنعرف بحق علماءنا الأولياء، ولذلك فعندما انتقلت إلى رحمة الله كتبت على صفحتى الشخصية فى الفيس بوك اليوم «ماتت أمى الثانية».. لأنى بحق كنت أعتبرها كذلك.