رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

 

 

 

 

أدعو أبنائى طلاب الثانوية العامة إلى قراءة هذه الرواية إن كان لديهم بعض الوقت، لعلهم يجدون المخرج من التفكير الذى سيطر على أذهانهم بعد امتحان اللغة العربية وجعلهم يبكون على اللبن المسكوب بسبب إخفاقهم فى الإجابة عن بعض الأسئلة.

الرواية تقول: إن أحد التلامذة الإنجليز كان يأوى إلى فراشه كل ليلة ليتذكر ما وقع منه من أخطاء، وكان هذا يصيبه بهم وقلق كبير، وذات يوم فوجئ هذا التلميذ وأصدقاؤه بالمعلم يدخل عليهم الفصل ومعه كوب من اللبن وضعه أمامهم، تعجب التلاميذ وأخذوا ينقلون أبصارهم بين كوب اللبن والأستاذ، كان الأستاذ صامتاً لا يتكلم، وفجأة ضرب كوب اللبن بيده فكسره، وسال اللبن على الأرض، ثم أمر تلاميذه بأن ينظروا إلى اللبن السائل، وقطع الزجاج المتكسرة، وقال لهم: إنكم لن تستطيعوا أن تعيدوا الكوب إلى ما كان عليه، وما عليكم إلا أن تلملموا الزجاج المتكسر، وأن تواصلوا العمل مرة أخرى.

ومن يومها تعلم الصبى الإنجليزى ألا يندم على أخطائه إلا بالقدر الذى يفيده فى المستقبل من دروس. الرواية تنصح بعدم البكاء على اللبن المسكوب لأن البكاء لن يجدى، ولن يعيد اللبن، الذين ما زالوا يبكون على الفرص الضائعة سيبكون حتى آخر العمر، والذين بحثوا عن فرص جديدة عثروا عليها، الفرصة سميت فرصة لأنها تأتى مرة واحدة، واللبن إذا انسكب على الأرض لا يمكن جمعه مرة أخرى.

هذه الرواية مهداة إلى الطلاب الذين أسرفوا فى الغضب من صعوبة بعض جزئيات امتحان مادة اللغة العربية، وكان عليهم التركيز فى باقى المواد للتعويض، وعدم الاستسلام لليأس. الذين استسلموا لليأس كمن يحومون حول كوب الزجاج المكسور، ليس لجمع الشظايا المتطايرة، ولكن للبحث عن طريقة تعيد اللبن المسكوب إلى الكوب المكسور، ويقفون مكانهم حتى يجف اللبن على الأرض، ويخسرون الماضى والمستقبل.

هذه الرواية تعلمنا أن الفرص الضائعة لن تعود، فإذا اغتنمها الشخص كان خيراً، وإذا فاتته، فلا يقف مكانه يبكى على ما ضاع منه، ولكن عليه أن يبحث عن فرصة أخرى.

كثيرة هى الفرص التى ضاعت، ومر زمن أطلق عليه البعض زمن الفرص الضائعة، ضاعت على دول، ومجتمعات، وأفراد، والذى يستفيد هو القوى الذى لا يستسلم لليأس، ويطير من هبة ريح، بل عليه أن يقاوم، وينهض من جديد، ليمسك بفرصة أخرى، فالفرص تُغتنم بكثرة المحاولات، والذى يستسلم من أول مرة، يسقط بالضربة القاضية، ولكن الذى يسعى للنجاح فإن الضربة التى لا تقتله تقويه.

فتنة الحليب فشلت فى ضرب موسم الامتحانات هذا العام، وتحولت إلى شائعة مغرضة، ومؤامرة لإفساد العملية التعليمية، وزرع بذور الإحباط فى قلوب أبنائنا طلاب الثانوية العامة، ووضعهم فى مواجهة مع الوزارة والدولة. الفتنة أديرت على السوشيال ميديا وهى أحد ألغاز امتحان اللغة العربية للقسم العلمى عندما ترددت شائعة سؤال عن جمع كلمة حليب، والحقيقة أن هذا السؤال لم يرد فى الامتحان، ومع ذلك تحول الفضاء الخارجى إلى تريقة على وزارة التعليم، وتبارى المتفيقهون فى جمعها، واختاروا لها عدة أسماء جمع، مثل «حلبان» و«أحلبة» و«حلائب»، البعض قال إنها على وزن فعيل، كما قالوا إنها تجمع مثل أرغفة.

وزارة التعليم نفت وجود هذا السؤال، وتبين أنه اختراع من واحد فاشل حاول إثارة البلبلة، والإساءة إلى العملية التعليمية، وضرب خطط التطوير.

حقيقة أن التعليم ليس على ما يرام، فما زال لم يرتقِ إلى طموح الدولة الجديدة، وأن عمليات الترقيع المستمرة كانت وراء تحويل الثانوية العامة إلى وحش كاسر، لكن المحاولات مستمرة من جانب الوزارة لترويض الوحش، صحيح أن الطلاب يتحملون الآثار الجانبية للعمليات المستمرة، وهى تعتبر مثل الدواء الذى تتم تجربته على عدد من المرضى.

من جانبها تراعى وزارة التعليم ظروف الطلاب الذين ليس لهم ذنب فى مراحل الإعداد للوصول إلى تعليم جيد، وما دامت النوايا طيبة، فالنتائج ستكون فى صالح التعليم فى الأعوام المقبلة.

وما يقلق هو عبث العابثين الذى وصل إلى بث الشائعات المحبطة أمام الامتحانات للتشويش على الطلاب الذين يمثلون القاطرة البشرية للدولة.

لن تتوقف مسيرة التعليم على جمع كلمة، ولن يقف الطلاب مكتوفى الأيدى عندما يخفقون فى جزئية لا يتعدى تقديرها ربع درجة، إذا ضاعت فرصة فيجب الاستعداد للفرص التى تأتى بعدها، فالفرص لا تأتى للباكين المحبطين، ولكن تذهب للأقوياء الواثقين من أنفسهم.

أدعو أبنائى طلاب الثانوية العامة أن يتحلوا بالثقة فى أنفسهم، ويعلموا أن الدولة وفى مقدمتها وزارة التربية والتعليم تسعى لتقديم تعليم أفضل وتهيئة المناخ للعملية التعليمية لتخريج أجيال متسلحة بالعلم الذى يبنى الملك ويحافظ عليه.

وقانا الله شر الفتن، وشر الشائعات المغرضة التى تهدف إلى وضع الشعب فى مواجهة الدولة، هدف هؤلاء أن نبدأ من أول السطر بدلاً من البناء على الإنجازات التى حققناها بعد ثورة 30 يونيه، ولكن لن يحصلوا على هذه الفرصة إذا استمر الشعب يداً واحدة بكل فئاته، وفى المقدمة الشباب مع الدولة.