رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أزعجتنى فتوى أحد مشاهير الدعاة المنتشرة بين الناس مؤخرا والتى تستحل اقتناء وتجارة الآثار والتنقيب عنها. كان من الغريب أن يقول رجل يدعى أنه آمر بالمعروف، وناهٍ عن المنكر أن بيع الآثار وتهريبها أمر مشروع، بل وأن الأموال المتحققة منها لا غبار عليها.

وحسنا التفتت الأجهزة والجهات المسئولة والمؤسسة الدينية لمثل هذه الترهات الذائعة والمُروجة باعتبار الآثار المدفونة فى باطن الأرض كنوزًا يحق لأصحابها الإتجار فيها.

إن مثل هذا الداعية يبيح بكلامه ربما بجهل أو بسوء نية للعديد من ضعاف النفوس أن يسارعوا إلى البحث والتنقيب عن آثار مصر، وتهريبها إلى الخارج غير عابئين بضياع حضارة، أو انتقاص مكانة سعيًا إلى الثراء السريع والسهل.

وكل هذا يصب فى خانة ازدراء الحضارة المصرية العظيمة التى ينجذب لها العالم المتحضر شرقًا وغربًا. وهو إلى جانب ذلك يؤدى إلى اختلاس فئات بعينها من الانتهازيين لحقوق الأجيال القادمة، ونهب ممتلكات الأمة المصرية جميعها دون وجه حق.

لقد ردت دار الإفتاء المصرية على فتاوى الجهل المتداولة بنص قوى وواضح ومباشر يقول «لا يجوز المتاجرة بالآثار، وإذا وجدها الإنسان فى أرضٍ يمتلكها، فلا يصح أن يتصرف فيها إلا فى حدود ما يسمح به ولى الأمر وينظِمه القانون مما يُحقِق المصلحة العامة،لأن تلك الآثار تعتبر من الأموال العامة لما لها من قيم تاريخية وحضارية تصب جميعها فى مصلحة المجتمع ونمائه وتَقَدمه.»

والمعروف أن قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 والمعدل برقم 91 لسنة 2018 يجرم بيع الآثار المسجلة أو غير المسجلة، كما يُجرم التنقيب عنها حتى لو كان ذلك فى عقار يمتلكه المنقب، وتصل العقوبة فى هذا الشأن إلى السجن المشدد.

ومن المعروف أيضا أن مصر كانت من أوائل دول العالم التى شرعت قوانين ولوائح لحماية الآثار بدءًا من عام 1935، لكن كما يقول الكاتب والمستشار أشرف العشماوى فى كتابه الموسوعى «سرقات مشروعة»، فإن اصدار عشرات القوانين ومئات اللوائح وآلاف القرارات لم تفلح وحدها فى صيانة وحماية آثار مصر، خاصة فى ظل شيوع اعتقاد شعبى لا يعتبر التنقيب عن الآثار أو الاتجار فيها عملًا شائنًا مجرمًا.

إن حضارة مصر العظيمة تبقى معلمة ومرشدة للعالم كله بما حوته من معارف وقيم ورقى وتطور وتسامح وعبقرية. وحسبنا أن نتذكر كيف ساهم موكب مومياوات الفراعنة الذى انتقل من المتحف المصرى إلى متحف الحضارة المصرية قبل بضعة شهور فى لفت أنظار العالم كله لهذا المشهد المهيب. لقد عكس الحدث وقتها اهتمام الدولة المصرية بالثقافة والفنون، وإيمان القيادة السياسية بعظمة الحضارة المصرية القديمة ورقيها، وأكد أن تلك الحضارة تمثل واحدة من قوى البلاد الناعمة، وغير المستغلة بالشكل النموذجي، وأنه آن الأوان لإعادة المكانة لها والوعى بعظمتها.

إن استحلال نهب آثار مصر فى رأيى جريمة عظيمة ربما تصل إلى درجة الخيانة العظمى.

وأتصور أن مصر بمؤسساتها وكوادرها تسير بدأب وجد ومثابرة على الطريق الصحيح لصيانة آثار أعظم الحضارات الإنسانية.

وسلامٌ على الأمة المصرية.