رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

صواريخ

 

 

الحياة النيابية فى مصر تقف شاهدة على عمق الحضارة فى هذا الوطن، بكل ما مر به من حقب تاريخية هامة قبل حوالى مائتى عام، عندما شهدت مصر أول ثورة ناضجة فى العصر الحديث، وقيام الشعب بتنصيب محمد على واليًا على مصر قبل أن يقوم السلطان العثمانى بإرسال والٍ.. وهو الأمر الذى أدركه محمد على وجعله يستشير العلماء ويقيم مؤسسات بما فيها مجلس نيابى عام 1824 تحت اسم المجلس العالى الذى تشكل من 24 عضوًا، ثم أضيف لهم 24 عضوًا آخر من الشيوخ والعلماء والتجار.. وفى عام 1866 حدث تطور للحياة النيابية فى مصر بإنشاء - مجلس شورى النواب - فى عهد الخديو إسماعيل، والتى يؤرخ لها البعض على أنها البداية الحقيقية للحياة النيابية فى مصر، على اعتبار أنه أول برلمان يمتلك اختصاصات نيابية ولائحة للنظام الاساسى للمجلس من 18 مادة شملت نظام الانتخابات والشروط الواجبة للعضو وفترات انعقاد المجلس، ومعظم هذه الشروط أخذت من النظم الأوروبية وتأثرت تحديدًا بنظام الهيئة التشريعية الفرنسية، وكان أول مجلس شورى نواب مكونًا من 75 عضوًا منتخبًا.

التطور الثانى الذى حدث فى الحياة النيابية المصرية كان نتاج ثورة 1919 التى أثرت بعمق فى المجتمع المصرى فى شتى مناحى الحياة وعلى رأسها الحياة النيابية والسياسية، وكان من نتاجها صدور إعلان 28 فبراير عام 1922 وحصول مصر على استقلالها وتحولها إلى دولة مستقلة ذات سيادة، واستنادًا على هذا الواقع الجديد تم وضع دستور 1923، وهذا الدستور حدد شكل الحياة السياسية فى مصر عندما أخذ بالنظام النيابى البرلمانى القائم على أساس الفصل والتعاون بين السلطات، ونظم العلاقة بين السلطة التشريعية والتنفيذية وجعل الوزارة مسئولة أمام البرلمان بينما جعل من حق الملك حل البرلمان ودعوته إلى الانعقاد، كما أخذ دستور 23 بنظام المجلسين وهما مجلس الشيوخ ومجلس النواب، وحدد الدستور مبدأ المساواة فى الاختصاص بين المجلسين وعرفت هذه الفترة بأنها أهم فترة تطور للحياة النيابية.

أمس الأول أنهى مجلس الشيوخ دور انعقاده الأول، وكانت جلسة بحق تاريخية وشاهدة على أهمية هذا المجلس الذى يضم نحبة من علماء وخبراء وحكماء هذه الأمة فى شتى المجالات.. وتأكد من خلال ممارسة المجلس لنشاطه منذ مارس الماضى وحتى أمس الأول أن وجود مجلس الشيوخ كان ضرورة ملحة لهذه الأمة أدركها الرئيس عبدالفتاح السيسى بخبرته وحكمته عندما قرر توظيف كل عناصر القوة الكامنة فى هذا المجتمع لخدمة الأمة، وهو الأمر الذى استدعى تعديلاً دستوريًا لعودة مجلس الشيوخ والاستفادة من كل الخبرات بشكل مؤسسى من خلال هذا المجلس على غرار ما يحدث فى الدول الكبرى.. ولا أغالى إذا قلت إن مجلس الشيوخ المصرى تفوق على نظرائه فى الدول الكبرى بعد أن تخلى أعضاؤه عن التحزب والفرقة والتكتلات الموجهة وكشف أعضاؤه عن عمق انتمائهم الوطنى وتحضرهم فى مواجهة كل القضايا وكان الانحياز لمصلحة الدولة المصرية والشعب المصرى من خلال مناقشات بناءة وهادفة فى كل القضايا التى طرحت على المجلس.. ولم يشهد المجلس أية مزايدة سياسية وضرب أروع المثل فى الشفافية، وكانت الجلسة الختامية أمس الأول بمثابة عرس ديمقراطى أشاد فيه الجميع بدور المستشار عبدالوهاب عبدالرازق رئيس المجلس الذى ضرب أروع الأمثلة فى الحكمة والشفافية والديمقراطية من خلال إدارته للجلسات.. وإذا كان هناك ثمة ملاحظة واحدة على هذا المجلس فهى أنه يحتاج إلى مزيد من الاختصاصات حتى يضيف إلى مصر كل ما تستحقه من عقول وخبرات وعلم أعضاء هذا المجلس الموقر.

حمى الله مصر

نائب رئيس الوفد