عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بهدوء

 

 

 

يأتى معرض القاهرة الدولى للكتاب هذا العام فى أجواء صيفية حارة، وإجراءات احترازية شديدة بسبب وباء كورونا، ورغم هذا يمثل هذا المعرض أحد أكبر معارض الكتاب على مستوى العالم، وقد بدا واضحًا مدى جمال الاعداد والإخراج لهذا المعرض، ورغم ارتفاع درجة الحرارة فإن التكييف المركزى قد خفف على الزائرين حدة ارتفاع درجة الحرارة، ومع ما يمثله معرض الكتاب من احتفالية ثقافية كبرى فى مصر والعالم العربى فإن ثمة ملاحظات مهمة يمكن للمثقف الواعى أن يدركها، ولعل أهمها غياب روح الابداع فى الثقافة المصرية فى معظم مجالات الكتابة، فليس ثمة كتب كثيرة تكشف لنا عن عمق استمرار الابداع فى مصر، وتبدو المرحلة التاريخية الحالية من حياة مصر الثقافية جدباء، وأن أقصى ما يمكن النظر إليه الآن هى أعمال متوسطة القيمة لا ترقى فى معظمها إلى قيمة الأعمال الرفيعة.

وقد لاحظت على النشر المصرى فى المعرض اهتمام الناشر المصرى بإعادة انتاج ونشر الأعمال الثقافية الكبرى فى تاريخ الفكر المصرى الحديث، فهناك إعادة نشر لأعمال أحمد أمين، وطه حسين، واعادة نشر ترجمات عادل زعيتر لجوستاف لوبون وغيره من اعلام الثقافة الغربية، كما اهتمت قصور الثقافة بنفس النهج فى اعادة نشر بعض أعمال اسماعيل مظهر، ومصطفى عبد الرازق، وأعمال قديمة فى النقد الأدبى، والأعمال التى تعبر عن الروح المصرية التى ألفت فى القرن المنصرم، وهى جهود تشكر عليها هيئة قصور الثقافة، ويظل الرئة الحية هو المركز القومى للترجمة الذى يقوم بنشر الأعمال المترجمة بأسعار معقولة، وحين أشير إلى هذه الأوضاع فذلك من أجل بيان مدى بيان نضوب روح الابداع فى الحياة الثقافية المصرية، وأن الواقع الثقافى المصرى يعيد نشر جزء من تاريخنا الثقافى الحديث ليعيد انعاش الذاكرة من جديد بقيمة مصر الثقافية والحضارية، ومحاولة سد الفراغ الكبير فى حياتنا الثقافية، فى ظل أجواء واضحة بأن الدولة المصرية لم تعد الثقافة ضمن أولوياتها، وأن الدور الثقافى لمصر بدأ يغرب تأثيره فى المنطقة، وكثيرا ما تسمع من الأخوة المغاربة راحت عليكم، مصر لم تعد الرائدة.

وليس الواقع الثقافى العربى بأفضل من المصرى، فقد رحل معظم كبار المفكرين والأدباء وكبار المترجمين فى العقد الأخير من القرن العشرين، والعقد الأول من القرن الواحد والعشرين، وتركوا فراغًا كبيرًا ومقاعد شاغرة لم تملأ إلى الآن، ويبدو لى أنها لن تملأ على المستوى القريب، بسبب ما ألم بالمنطقة العربية فى العقد الأخير منذ الربيع العربى، من انكسار الحلم، وحالة الاحباط، وغياب الحريات، والحروب الطاحنة فى دول العالم العربى، وعدم الاستقرار الذى يسود المنطقة، وضعف حالة التعليم فى المنطقة، والذى انعكس بدوره على بناء الشخصية المصرية والعربية.

ولا تملك الثقافة بكل مكونتها الضعيفة أن تكون أداة مقاومة لواقع التردى والتدهور الحادث، فى المجتمعات العربية، وواقع التدهور فى الاجتماع السياسى والحضارى، بل صارت انعكاسًا له، وبالمقابل كانت الثقافة فى الغرب مُغيرة لواقع الاجتماع الغربى، ومُعدلة ومُطورة لهذا الاجتماع لأنها كانت ثقافة حية ناقدة لذاتها، وناقدة لواقعها، فالتغير الثقافى فى الغرب كان يسبق التغير الاجتماعى فى حالات كثيرة.

وقد وصل بنا الأمر أن معظم الكتابات الحية عن تاريخنا وذاتنا الحضارية قد كتبت فى الغرب وفى مراكز أبحاثه وجامعاته بأقلام غربية وعربية، ولذا تحولت سلسلة عالم المعرفة فى الكويت إلى سلسلة فى الترجمة، كما أن المشروع القومى للترجمة فى مصر هو الرئة الحية فى مصر، وهذا ما يعكس واقع حالة الثقافة فى مصر والعالم العربى، إن تغير واقع الثقافة لن يتم فى المنطقة إلا بحدوث تغير فى الواقع السياسى فى عالمنا العربى، لأن تاريخنا يثبت أن السياسى كان هو المحرك للثقافى دوما.