عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

كلما أقبل علينا يوم 30 يونيو تذكرت ثورة الشعب على حكم من يسمون أنفسهم بالاخوان المسلمين وهم أبعد مايكونون عن هذا الاسم، وتأخذ الذكريات تترى لتعيد شريط الأحداث منذ ثورة الشباب فى 25 يناير 2011م التى ركبها الاخوان وأخذوها مطية للوصول لحكم مصر. وكم كانت المناظر الغريبة لأناس وشخصيات انتشروا فى حينا الهادئ فى مدينة نصر بشارع الطيران لابسين الجلاليب، مطلقى اللحى، راكبين السيارات الفارهة (الفور باى فور ) وبصحبتهم سيدات أو فتيات بملابس سوداء ولايرى منهم إلا عيون من كل الأشكال والألوان، كم كانت هذه المناظر تثير حفيظتنا متسائلين من أين أتى هؤلاء الأشخاص بأزيائهم الغريبة وثرواتهم الهائلة ؟!

 وكانت الاجابة التى تأتينا تقول: إنهم جاءوا ليحكموا العالم الإسلامى من مصر وأنهم سيستمرون فى الحكم خمسمائة عام وفى روايات أخرى خمسين عاما! وربما تأكدت للكثيرين حقيقة هذه الأقوال حينما أعلن الرئيس المنتخب ذلك الاعلان الدستورى المشئوم الذى كشف عن الوجه القبيح لنيتهم الاستبدادية السوداء وحينئذ شبهه البعض بالفرعون بما لهذا اللقب من معان سلبية كثيرة فى الوعى الجمعى المصرى وملخصها أن الفرعون هو ذلك الحاكم الإله الذى لايرده أحد ولايستطيع أن يزيحه من مكانه أحد!!

فى ذلك الوقت كتبت مقالتى الشهيرة فى «الأهرام « : ياليته كان فرعونا !، حاولت فيها تصحيح هذه الفكرة الشائهة عن حكام مصر القديمة العظام الذين لقبوا بالفراعين نسبة إلى المقر الملكى وباعتبارهم سكان القصر الملكى.

لقد تصور الناس فى ذلك الوقت أن ذلك الاستبداد سيدوم وأن حكم الاخوان سيستمر، وكنت أنا على يقين لم يتزعزع بأنهم حكموا على أنفسهم بالطرد من رحمة شعب اختارهم فخذلوه وأعطاهم الحكم اختيارا فأعطوه الاستبداد والتجبر من جانب والفوضى والمؤامرت من جانب آخر!! وكم قلت لمن حولى : أن هؤلاء لن يستمروا فى الحكم أكثر من عام أو عامين على الأكثر! وصدقت النبوءة بأكثر مما كنت أتوقع حيث ثار الشعب الذى لايقهر مرة ثانية فى غضون ثلاث سنوات وكانت ثورته هذه المرة ثورة شعبية هادرة لم يشهد لها العالم مثيلا من قبل.

 لقد كانت ثورة شعب رفض الاستبداد من الداخل كما كان دائما وعبر تاريخه الطويل يرفض الاحتلال والاستعمار الخارجى ويتغلب عليه إن لم يكن بقوة المقاومة والانتصار العسكرى، فبقوة القدرة على صهر المحتل وتمصيره. وكم تشكل المصريون عبر تاريخهم الطويل تشكلا كاذبا أخذين من لغة وثقافة المحتل مظهرا يخدعه وفى اللحظة المناسبة يلفظوه لغة وثقافة ليعودوا كما هم دائما شعبا واحدا معتزا بتراثه الثقافى المرن الذى يعطى أكثر مما يأخذ ويلهم أكثر مما يستلهم. إن ثورة الثلاثين من يونيو كانت آخر العلامات البارزة على أن شخصية الشعب المصرى بثقافته المعتدلة المتسامحة الراغبة دوما فى العيش بسلام هى الرهان الرابح لهذا الوطن الآبى ولحضارته المستمرة بلا انقطاع منذ آلاف السنين.

ولقد كان تلاحم الجيش مع الشعب فى هذه الثورة ملحمة تدرس ؛ فلقد حدد الشعب والجيش هذا اليوم بالذات وأنذر الطغمة الحاكمة بتعديل المسار وضرورة العودة مرة أخرى إلى الشعب فى استفتاء يحدد مصيره وشكل دولته، لكن الكبر والتجبر والاستناد الواهى على الخارج جعل « جماعة الاخوان « ورئيسها يتحدون إرادة الشعب ويتناسون الموعد المحدد سلفا لخلعهم إذا لم يستجيبوا لإرادة الشعب فكان ماكان وثار الشعب وسانده جيشه واستردت مصر شيئا فشيئا شخصيتها التى كادت تذوب وسط موجات التطرف والفوضى التى كادت تعصف باستقلال البلاد واستقرارها. فتحية لهذا الشعب الصابر المناضل وتحية لقيادته الواعية فى ذكرى نلك الثورة الملهمة التى برهنت على أن زمن الاستبداد بمصر واحتلالها قد ولى إلى غير رجعة وأن مصر لن تكون إلا للمصريين.. وتحيا مصر. تحيا مصر. تحيا مصر شعبا وقيادة.

[email protected]