رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

 

يبقى السؤال الذى نوجهه لعلماء الاجتماع، وعلم النفس، وأساتذة الفنون، ويحتاج من كافة المعنيين الدراسة والتحليل بعمق ليجيبوا لنا عن السؤال الأهم الآن.. ماذا يحدث، ولماذا يحدث، وكيف ننجو؟

لون من الأداء أطلقوا عليه «أغانى المهرجانات» انتشر كالنار فى الهشيم من الطبقات الاجتماعية الأقل إلى الأعلى، وأصبحت مصطلحًا متداولًا بين طبقات مختلفة من المجتمع المصرى، وربما يكون لذلك دلالات اجتماعية وثقافية يجيب عنها متخصصوها، والمؤسف أنها ليست لونا غنائيا كما يدعى الكثيرون، بل لا نبالغ أنها تساهم فى إرساء ثقافة وتقاليد وعادات ومفاهيم سيئة وسلبية وهى بعيدة كل البعد عن عادات وتقاليد المجتمع المصرى الأصيلة الرصينة. ويبقى حقا السؤال الأهم فى طريق وصولها بنا وبشبابنا إلى قمة القاع الفنى، هل انتصرت «أغانى المهرجانات» فى المعركة التى أثارت الجدل العام خلال العقد الأخير؟

الفن والموسيقى هى أحد المكونات الأساسية لثقافة ووجدان الشعوب والارتقاء بالفكر والوجدان أحد مقومات الإنسانية الحقيقية، ولا شك تؤثر فى تشكيل اتجاهات السلوك العام. والإجابة عن السؤال الأهم قد تكمن فى ما نراه من تدنى الذوق العام، وتدهور الذوق الفنى لدى الكثيرين وخصوصا الشباب؛ العديد والعديد ممن أثرت فيهم «أغانى المهرجانات» بكلماتها التى لا توصف إلا بالمبتذلة الوضيعة؛ والكثير من التغيرات التى لامسها الشارع المصرى بداية من ظهور ما يسمى «أغانى المهرجانات، ومؤدوها»، والألعن من هذا نسب المشاهدات التى تخطت الملايين والملايين لفيديوهات وأغانى المهرجانات عبر منصات التواصل الاجتماعى.

وخلال الأيام الأخيرة أُثير الجدل من جديد عن أحد المؤدين لتلك النوعية من الأغانى الشعبية، وأصدرت نقابة المهن الموسيقية قراراتها للمرة تلو الأخرى بمنع ظهوروهم وحفلاتهم وخزعبلاتهم الفنية، وللأسف المرة كسابقتها، وحالة جديدة من التحدى من هؤلاء الممنوعين والرد بفيديو جديد لأغنية مهرجان، تحقق نسبة مشاهدة عالية؛ ويبقى الوضع كما هو عليه.. بل يزداد للأسوأ..!

وكغيرها من الظواهر الجديدة أو الغريبة التى تدخل الساحة الفنية كل فترة زمنية، فلم تكن الأغنية الشعبة وليدة الألفية الجديدة، فخلال النصف الأخير من القرن الماضى ظهرت العديد من التطورات للأغنية الشعبية، واندرجت تحت مسماها العديد من الخزعبلات الفنية التى أهدرت دماء الذوق العام خلال السنوات الماضية، وتسببت فى خلق أجيال جديدة ترى فى بعضهم نماذج نجاح وطريقا لتحقيق الثروات السريعة، ونموذج «لايف ستايل» يعتمد على البلطجة والعضلات وترويج صريح لتعاطى المخدرات كحل لمشكلات اجتماعية، وهذا النموذج القمىء يهدر فى طريقه قيما ومعانى وتقاليد سامية لمجتمعنا المصرى تأصلت وترسخت عبر قرون.

لم تكتف تلك الآفة فى ما أحدثته من ضجة واسعة الانتشار، بل كان لابد من أن تترعرع فى بيئة خصبة، فساعدت على خلق العديد من المعاونين لها فى هدم العادات والتقاليد من فيديوهات عبر منصات التواصل الاجتماعى، وأفلام سينمائية ومسلسلات تليفزيونية وبرامج بعدت كل البعد عن القيم والأخلاق التى نادت بها أجيالٌ ولى زمنُها.

والأزمة فى هذا اللون ليست فنية فقط كما سبقها من ظواهر تستمر لسنوات ثم تختفى، ولكن أزعم أن أثر تلك المهرجانات سيبقى طويلا فقد تجاوزت كل الأسقف والحدود. لقد ظهر بعضهم يهاجم خريجى الجامعات وكليات الطب والهندسة وأنهم فشلة وغير ناجحين لا يستطيعون الحصول على الأموال، بل يخرجون علينا بين الحين والآخر فى استعراض لسياراتهم ومنازلهم وثرواتهم بشكل فج وتحد سافر للمجتمع بل لا نبالغ أنه يهدم قيم العلم والاجتهاد والمثابرة، ويحبط شباب مصر وعصب مستقبلها، ويقدم نموذجا للربح السريع بغض النظر عن مصدره، واسترعى انتباهى لقطة منتشرة لأحدهم عبر منصات التواصل الاجتماعى وهو جالس فوق سيارته المطلية بالذهب ومكتوب عليها (ساب مدرسته ورمى كراسته وده بقا حاله)، والسؤال هل هذا الاتجاه سيبنى وطناً ويحفظ تراث وتقاليد أمة؟

الصرخة للجميع، الدولة والأسر والمتخصصين، فجميعنا مسئولون ولابد من الوقوف بقوة لمواجهة «أغانى المهرجانات» وكل من على شاكلتها، والتصدى لتلك الموجة العنيفة من إفساد الذوق العام المصرى كأحد أسس بناء الشخصية والمجتمع المصرى.

عضو مجلس الشيوخ

مساعد رئيس حزب الوفد