رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

كنوز الوطن

 

 

 

أرستقراطية فى مظهرها، صعيدية فى طباعها وجديتها، دبلوماسية فى تعاملها، مثقفة فى حوارها، مقنعة فى جدالها، أصيلة فى مواقفها، هكذا هى الدكتورة منى مكرم عبيد صاحبة التاريخ الوطنى المشرف، أستاذة الجامعة والبرلمانية والسياسية وسليلة العائلة المشهود لها من الجميع بمواقفها الوطنية فمثلما كان عمها وكبير أسرتها المحامى والسياسى الشهير مكرم عبيد أحد رفاق الزعيم سعد زغلول فى النضال الوطنى الذى كانت إحدى ثماره قيام ثورة 1919 ضد الاحتلال الإنجليزى.

قدمت الأسرة أيضًا العديد من الرموز فى مجال السياسة والفكر والثقافة مثل فكرى مكرم عبيد، نائب رئيس الحزب الوطنى الحاكم، فى عهدى الرئيسين أنور السادات وحسنى مُبارك، وكذلك نائب مجلس الشعب سامح مكرم عبيد.

لكن بين كل هذه الأسماء اللامعة تبقى د. منى مكرم عبيد قيمة بشخصها متميزة بذاتها، لا تكتفى بأنها واحدة من أعمدة تلك الأسرة العريقة، بل صنعت لنفسها مكانة خاصة بجهد وعمل وعلم وثقافة ومهارة فى إدارة علاقاتها ليس فقط على المستوى المحلى بل والدولى أيضًا، سواء باعتبارها عضوًا سابقًا بمجلس الشورى، أو عضو سابق بالمجلس القومى لحقوق الإنسان أو كعضو هيئة تدريس فى عدد من الجامعات المصرية والعربية، منها الجامعة الأمريكية بالقاهرة، والجامعة الأمريكية فى باريس، وجامعة السلام التابعة للأمم المتحدة فى كوستاريكا، جامعة السوربون أبوظبى، والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى، إلى جانب مشاركتها فى عدد من المؤتمرات الدولية ومراكز الفكر والدراسات.

كثير ما كنت أسمع عنها وهو ما يجعلنى حذر فى الاقتراب منها لكن عندما تعرفت عليها قبل نحو عشر سنوات وجدتها شخصية وطنية يملؤها الحماس والتواضع الجم تتواصل مع الجميع وتتحدث من القلب، حاسمة فى قراراتها وجادة فى تعاملها منضبطة فى مواعيدها والتزاماتها لكنها بسيطة فى علاقاتها فلا تتعالى ولا تتزيد، بل تساند الجميع بحب، لم تتأخر عنى يومًا حين كنت ألجأ إليها مستشارًا، أو أطلب استضافتها فى مختلف البرامج الصباحية والمسائية، فضلًا عن حالة الحوار الدائم الذى جمعنى بها سنوات وسنوات خاصة فى ثورة 30 يونيو ودورها الوطنى داخليًا وخارجيًا وأتذكر عندما واجهت الجماعة الارهابية فى مطار برلين وكانت تتصدى لهم بكل كبرياء وشموخ محبة وعاشقة لمصر وكانت لا تتردد لحظة فى أن تذهب إلى أمريكا وأوروبا لتشرح لهم أن هذه هى ثورة الشعب المصرى ضد حكم الجماعة الإرهابية الفاشية التى كانت تستهدف تغيير الهوية المصرية وطمس تاريخها وحضارتها.

على مدى سنوات معرفتى بها أشهد أن الدكتورة منى دائمًا مهمومة بوطنها، أجمل لحظات حياتها وهى ترى أبناء مصر فى استقرار ورخاء فدائمًا يدور بينى وبينها حوارات من نوع خاص فى مختلف القضايا الوطنية، ودائمًا أجدها على استعداد لمحاورة الشباب والوقوف بجانبهم، استوقفنى مرة حرصها على الاستماع إلى رأى فى بعض الأمور فسألتها متعجبًا.. لماذا تتركين كل معارفك من قادة الفكر والرأى وتسألين شابًا مثليًا قليل الخبرة فكانت إجابتها المفاجئة لى.. أنت شاب طموح ومكافح وعنيد ولماح وترى ما قد لا يراه المفكرون، ولذلك لك عندى مكانه ولرؤيتك تقدير خاص. ولا أنكر أن هذه الكلمات كان لها فعل السحر فى أن تجعلنى أكثر حرصًا على الاجتهاد كى أظل مستحقًا لثقتها وجديرًا بالاقتراب منها.

الدكتورة منى مكرم عبيد شغلت مناصب عديدة، منها خبيرة للبنك الدولى لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لها أيضًا مؤلفات عديدة بالإنجليزية والعربية والفرنسية، وحصلت على وسام جوقة الشرف برتبة ضابط من الرئيس الفرنسى ساركوزى تكريمًا لها لدعمها للعلاقات المصرية الفرنسية، لكن كل هذا لم يكن بالنسبة لها سوى ألقاب تتراجع وتتهاوى كثيرًا أمام كونها مصرية تفخر بانتمائها لهذا الوطن.

ورثت الدكتورة منى عن عمها الاهتمام بالعمل السياسى والشأن العام، ولها كتاب عنه بعنوان «مكرم عبيد مواقف وكلمات» رصدت فيه أبرز مواقفه الحياتية التى تعتبرها أحد أهم روافد تعليمها وثقل شخصيتها فعمها كما تصفه كان موسوعيًا سريع البديهة سياسيًا متمرسًا، ومنه أخذت الكثير من الصفات التى دعمتها فى مشوار حياتها وحفر اسمها عن جدارة بين الكبار فى الفكر والسياسة.