عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

هل أتاك حديث قافلة الشرق المحملة بما لذ وطاب من التين الشهى، زيت الزيتون النقى والمطرزات اليدوية الانيقة كالبشنيقة، الثوب الدجانى، الجلجى والملس المقدسى، كل ذلك وأكثر كان يعرض بمحبة صافية فى قلب منطقة الأسواق الشعبية الأكثر ازدحامًا بالمتسوقين من بسطاء القوم وأكابرهم المتعطشين لكل ما هو قادم من ثغور المرابطين وكان الركب المكرم لا يعود أدراجه خالى الوفاض بل مزودًا بقصائد شوقى وازجال بيرم وفلسفة الحكيم وأدب محفوظ وقيثارة الشيخ رفعت وخواطر الشعراوى وشجن كوكب الشرق وسخرية الريحانى وحتى التعصب الظريف لألوان الخطيب أو حسن شحاتة. فسوق «غزة القاهرى» ليس سوقًا تقليديًّا وحسب وانما يمثل رمزية الارتباط السرمدى بين مصر وفلسطين تاريخيًا وجغرافيًا.

للأسف تبدل الحال بعد ان جرى فى نهر السياسة المتغيرة ماء كثير لاسيما بعد وفاة الشهيد الحى أبوعمار ايقونة الإلهام لمنظمة التحرير والتى تفككت عراها عروة عروة وتشظت مشاريع الفصائل المتناحرة وأضحى كل حزب بما لديه يفرحون، وبالتالى فتحت صالة المزاد على مصراعيها وتسلل اليها بخبث الشهبندر العثمانى وتبعه دهاء البازار الفارسى ثم وجاهة أثرياء النفط الطامحين للعب دور مع الكبار، فهنالك حدثت الوقيعة واتسع الشقاق بين رفقاء السلاح وتحولت القضية المركزية للعرب لسلعة رخيصة تباع وتشترى فى سوق النخاسة يستغلها كل من هب ودب لاغراض شوفينية تافهة لا ترقى لعظمة الكفاح المرير.

فحين أزفت آزفة العدوان الغاشم التى ليس لها من دون الله كاشفة على القدس الأسير والقطاع اليتيم هرب جميع التجار ويولون الدبر حتى إذا ضاقت الأرض على المحاصرين بما رحبت لم يجدوا الا الشقيق الأكبر يفتح لهم منفذ الرحمة والأمل بعد ان هب وفزع لنجدتهم وتصدى بحزم وحسم للمتكبر المغرور واجبره مرغمًا على وقف القتل والدمار بل وتعهد على رؤوس الاشهاد بتحمل كلفة اعمار ما دمر وهو الذى يعانى ضيق الحال، لكن هيهات فمشهد سعادة أطفال المخيمات وزغاريد سيدات رفح «لجيش التعمير» الاشداء وهم يعبرون العبور الثانى لا يساوى كنوز الأرض وما حوت فاذا فرغنا من جلال اللحظة الإنسانية المشحونة بالعاطفة والسمو وتأملنا الأمر من زاوية عقلانية نجد رؤية حصيفة يدعمها تخطيط محكم لإدارة هكذا صراع معقد.

لكى نفهم أهمية المبادرة إستراتيجيًا علينا العودة إلى برتوكول باريس سنة 1994 المنظم للاقتصاد الفلسطينى المتداعى والذى انشأ منطقة جمركية واحدة دمجت الاقتصادين وبذلك أصبحت اسرائيل الشريك التجارى الأول للسلطة بنسبة 68% من الواردات متحكمة فى حياة الناس كل شيء تحت سيطرتها نوعية السلع وكميتها تستطيع تسليط سيفها العقابى متى شاءت فقد منعت اصدار عملة فلسطينية لذا اضطروا إلى تحويل 8.3 مليار شيكل فى 2020 فقط.

يقينًا سوف يستفيد من خطة الاعمار المزمعة 162 الف عاطل يعملون فى مجال الانشاءات يمثلون 16% من سوق العمل الذى مازال يعانى الركود من اثار حرب 2014 فهناك 249 مبنى مدمرًا نتيجة اخلال المانحين بتعهداتهم وعلى راسهم قطر التى دفعت 216 مليونًا فقط من اصل مليار دولار.

ان انتهاج القاهرة دبلوماسية البنية التحتية سنةً محمودة سوف تصب فى نقلة نوعية لاستقلال الاقتصاد الفلسطينى ومن ثم إضعاف النفوذ الاسرائيلى المتنامى وبالتأكيد خدمة لمصالحها الحيوية باستعادة دورها القيادى كقوة اقليمية مرجحة فبعد طول انتظار استيقظ المارد من سباته ونفض عن نفسه غبار الخمول وقالت «مصر العفية» كلمتها فأنصت لها القاصى والدانى فطربت مقاهى الضفة وحوانيت غزة لصوت فيروز وهى تشدو «مصر عادت شمسك الذهب»