رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

مرت علينا ذكرى اغتيال شهيد الفكر والتنوير الدكتور فرج على فودة فى صمت، ولم يفكر أحد من أجهزة ومؤسسات الدولة المصرية أن يتذكر الرجل أو يترحم عليه أو يضع إكليلًا من الزهور فوق مقبرته، ولم يخطر ببال وزارة الثقافة المصرية أن تضع تمثالًا للرجل فى أحد الميادين أو حتى تطلق اسمه على أحد شوارع القاهرة التى تمتلئ بأسماء السفاحين من العثمانيين مثل شارع سليم الأول على سبيل المثال. مرت الذكرى على الجميع مرور الكرام ولم يتذكره سوى نفر قليل من المثقفين، أما غالبية من يرفعون شعارات التنوير على صفحات السوشيال ميديا والإعلام فقد أصابهم الخرس ولم يحركوا ساكنًا!

مرت تسعة وعشرون عامًا على اغتيال فودة، وهو لم يُغتل بأيدى السفلة من الإرهابيين فحسب، لكنه اغتيل بفتاوى شيوخ وأئمة التكفير والإرهاب، فبعد المناظرة الشهيرة التى تم تنظيمها بمعرض القاهرة الدولى للكتاب فى يناير 1992 التى كان عنوانها: «مصر بين الدولة الدينية والدولة المدنية» التى ضمت من الجانب الإسلامي: الشيخ محمد الغزالى، ومرشد الإخوان مأمون الهضيبى، ومحمد عمارة، ومن الفريق العلمانى د. فرج فودة ود. محمد أحمد خلف الله مؤلف كتاب «الفن القصصى فى القرآن» الذى أثار ضجة كبيرة أواخر الأربعينيات وأحد أعضاء حزب التجمع. وبعد المناظرة بعدة أشهر تمت عملية الاغتيال فى 9 يونيو 1992 عن طريق اثنين من شباب الجماعة الإسلامية، وقد قالا فى التحقيق إنهما قتلاه بناءً على فتوى من الشيخ عُمر عبدالرحمن، ولكن حقيقة الأمر أن الفتوى جاءت من خلال الدكتور محمود مزروعة نائب رئيس جبهة علماء الأزهر، وقبل تنفيذ عملية الاغتيال بخمسة أيام نشرت جريدة النور الموالية للتيار الإسلامى بيانًا لجبهة علماء الأزهر برئاسة د. عبدالغفار عزيز ونائبه د. محمود مزروعة يُكفر فرج فودة تكفيرًا صريحًا بدعوى أنه مرتد ويجب قتله.

وفى نفس يوم الحادث نشرت الجماعة الإسلامية بيانًا أعلنت فيه مسئوليتها عن اغتياله تطبيقًا لفتوى علماء الأزهر، وباركت جماعة الإخوان فى اليوم التالى من خلال مرشدها مأمون الهضيبى عملية الاغتيال.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن الشيخ محمد الغزالى (القيادى السابق بجماعة الإخوان) والمحسوب على ما يُسمى بتيار الإسلام الوسطى، قال فى شهادته التى استمرت نحو نصف ساعة: «إن فرج فودة بما قاله وفعله كان فى حكم المرتد، والمرتد مهدور الدم، وولى الأمر هو المسئول عن تطبيق الحد، وإن لم يفعل يكون ذلك من واجب آحاد الناس، وإن التهمة التى ينبغى أن يُحاكم عليها الشباب الواقفون فى القفص ليست هى القتل، وإنما هى الافتئات على السلطة فى تطبيق الحد».

إن القاتل الحقيقى لفرج فودة لم يكن الإرهابيان عبدالشافى أحمد رمضان، وأشرف السيد الصالح، فهما وغيرهما من أعضاء الجماعات الإرهابية أدوات رخيصة لتنفيذ الجريمة، ولكن المسئول الحقيقى هم أئمة الإرهاب. ليس السلاح هو الذى يقتل، ولكنه الفتوى، الفتاوى المُخضبة بالدم التى تفوح منها رائحة الموت: كافر، مرتد، ماجن، زنديق، عدو الله... الخ. إن مجرد اتهام أى إنسان بواحد من هذه الاتهامات كفيل بإهدار دمه وإهدار إنسانيته كلها.

رغم مرور كل هذه السنوات فإنه من السذاجة أن نتصور أن خطر الإرهاب الدينى قد توقف أو تلاشى. إن الخطر لم يزل قائمًا؛ لأن أئمة وشيوخ الإرهاب منتشرون على معظم المنصات والمنابر وخلف صفحات الفيس بوك واليوتيوب.

السؤال: كيف تركت الدولة مثل هؤلاء وآلافًا غيرهم يستغفلون أجهزتها ويدعون كذبًا أنهم يؤيدون الجيش المصرى العظيم وهم فى الأساس ينتمون للإخوان أو للتيارات السلفية. ألم تعد أجهزة الدولة مشغولة سوى بمطاردة فتيات التيك توك بدعوى الخوف من خدش الحياء العام وتهديد القيم الأخلاقية فى الوقت الذى يتمدد فيه الإرهاب مهددًا أمن الوطن ومستقبله؟ ألا يكفى ما فقدناه من خيرة شباب هذا البلد من أبناء المؤسسة الشرطية والمؤسسة العسكرية لنتخذ خطوات جادة تجتث جذور الإرهاب من منابعه؟