رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

خارج السطر

 

 

«فى البدء يتجاهلونك، ثم يسخرون منك، ثم يحاربونك، فتنتصر» عبارة خالدة من عبارات المهاتما غاندى تؤسس لفكرةعظيمة ملخصها: لا تستكن لاستصغار الكبار لك، ولا تفتح نوافذك أمام عواصف الإحباط.

تُغنينا قصة السفينة الشاحطة عن دروس عديدة حوتها مؤلفات فلاسفة ومفكرين من شتى بقاع الأرض. تعثرت سفينة كبيرة عابرة لقناة السويس فى مارس الماضى، واستعانت مصر بحفار صغير للحفر حولها وتسييرها مرة أخرى، فسخر العالم، وتعالت الضحكات، وتنوعت كاريكاتوريات النقد، وجلجلت تصريحات الخبراء الدوليين، وهى تؤكد أن الأمر سيطول أسابيع وربما شهورا.

لكن مصر لم تقف. واصل المصريون العمل، ونجح الحفار الصغير فى مسعاه، وأفلح فى إزالة الحجارة ليخرج علينا كاتب أطفال عالمى هو ريان بيترسون بقصة مستقاة من الحدث بعنوان «السفينة الكبيرة والحفار الصغير» ليعلم الأطفال فى العالم أن الصغير ليس بالضرورة صغيرا. فصاحب الدأب، المجتهد، الماهر، المتحفز، الموصول بالأمل، عدو الاستكانة هو بالضرورة كبير ولو صغر حجمه، مؤثر ولو بدا ضئيلا، متقدم ولو نُعت بكل أوصاف التأخر والتخلف.

وقال مؤلف القصة إن الغرض الأساسى منها هو تعريف الأطفال بقوة فعل الشىء الصحيح حتى عندما يبدو لك أن نصف العالم يضحك على ما تفعله.

يريد الأمريكى بيترسون أن يقدم لأطفال بلاده دروسا عظيمة من حكايتنا، أولها أن كثيرا من المشكلات العويصة يمكن مواجهتها بحلول بسيطة أو تبدو بسيطة. تذكروا مثلا فكرة إزالة الساتر الترابى الإسرائيلى فى حرب أكتوبر 1973 بمضخات المياه، رغم ثباته أمام اختبارات القنابل شديدة البأس. إن الإنسان مطالب بالتأمل والتفكر وعدم الانجراف وراء عمليات التنكيس الكلامى التى قد يمارسها الغير بحسن أو سوء نية.

ثانى درس هو أن الثقة فى الذات يجب أن تعلو وتغلب على الخطاب المحبط. وهى ثقة قائمة على إمكانات حقيقية وليست وليدة غطرسة كاذبة خاوية. إننا مطالبون بأن نتفاءل بما هو قادم، حتى ونحن فى أحلك لحظات الظلمة، أن نعى أن هناك عينا حاكمة ترقب البشر ولا تقبل أن يضيع عمل مجتهد هباء منثورا.

ثالث الدروس هو أن الدول الصغيرة، والكيانات الصغيرة، والمعدات الصغيرة، والكائنات الصغيرة ربما يكون لها دور مؤثر وعميق، وأحيانا قد تغلب. وهذا هو سر انبهارنا ونحن صغار بحكايات «توم وجيري»، وتعاطفنا جميعا مع الفأر الًأصغر حجما، الذى يدور ويلف ويجتهد ويمكر ويضرب القط الكبير الذى يريد التهامه. وربما هو ذاته المعنى الذى فطن له صناع السينما الجميلة فى مصر قبل سبعين عاما فقدموا فيلم «شمشون ولبلب» بطولة الراحل محمود شكوكو، والذى غير اسمه فيما بعد ليصبح «عنتر ولبلب» احتراما لاعتراض حاخام اليهود المصريين وقتها لأن شمشون هو أحد أنبياء اليهود.

كذلك، فثمة درس مهم جدا، هو أن العالم لا يحترم سوى الأقوياء. ينصاع إلى ما يقولون إن انتصروا. لا يتعاطف العالم مع الضعفاء ولو كانوا مظاليم، وكان هذا أحد القوانين الحاكمة التى غفلنا عنها فى الصراع العربى الإسرائيلى على مدى سبعة عقود. إن ثورات التحرير فى العالم لم تنجح إلا عندما سُلحت، وصار لها قوة فعل، ولنا فى الثورة الجزائرية العظيمة درس بليغ.

والله أعلم.

 

[email protected]