رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

طلة

الأب والأم يجلسان فى البيت الأبيض حيث مقر عملهما حتى ساعة متأخرة من الليل. الأم تفاجأ بمكالمة من طفلتها الصغيرة، والتى من المفترض أن تكون قد أخلدت للنوم مبكرا جدا عن هذا التوقيت. الطفلة تتدلل فى المكالمة وترفض الانصياع لأمر الأم التى تهدد وتتوعد الطفلة. الأب يمسك بالسماعة ويداعب الطفلة واعدا إياها بأنها إذا سمعت الكلام ونامت فسيأخذها فى اليوم التالى فى نزهة وفسحة لن تنساها فتفرح الطفلة وتسمع الكلام وترسل لأبيها قبلة عبر الهاتف. الأب يشعر بالزهو ويضع السماعة وهو يقول لزوجته مبتسما: هكذا يتم حل الأمور يا مدام. فترد عليه: ولكنك وعدتها وعدا أنت تعرف استحالة تنفيذه فى غمرة انشغالك بعملك، فرد عليها قائلا: نحن فى العاصمة الأمريكية واشنطن وفى البيت الأبيض تحديدا لا نفعل أكثر من إعطاء الوعود التى لا يتم تنفيذها!!.

هذه العبارة وردت على لسان بطل المسلسل الأمريكى الخليفة المرشح. وهى ليست مجرد عبارة فى مسلسل لكنها عبارة موحية تكشف حقيقة السياسة الأمريكية خاصة عندما يعلق عليها العالم الخارجى آمالا وأحلاما مع كل إدارة جديدة، ثم لا يمضى وقتا طويلا قبل أن يكتشف الجميع أن من الثوابت التى لا تتغير هى أهداف أى إدارة أمريكية التى لا تعرف سوى مصلحتها، وكذلك غباء من كان يرجو منها خيرا تجاه القضايا التى يجمع العالم على عدالتها.

نعود إلى الخليفة المرشح وهو تعبير يعود إلى عادة أمريكية قديمة وضعها الآباء المؤسسون ويتم العمل بها حتى الآن، حيث أثناء قيام الرئيس الأمريكى بإلقاء خطاب حالة الاتحاد سنويا أمام الكونجرس يتم بشكل عشوائى تسمية أى مسئول من الحكومة ويطلق عليه الخليفة المرشح، يتم عزله فى البيت الأبيض ليكون هو الرئيس لو حدث أى مكروه للرئيس أثناء إلقاء الخطاب. طبعا فى الواقع لم يحدث أن اختفى الرئيس أثناء الخطاب لكن فى المسلسل الشيق حدث تفجير كامل لمبنى الكونجرس مما نتج عنه وفاة الرئيس وكل أعضاء الحكومة وكذلك جميع أعضاء الكونجرس بمجلسيه باستثناء عضو واحد.

الخليفة المرشح فى أحداث المسلسل هو وزير الإسكان الذى كان قاب قوسين أو أدنى للطرد من الوزارة لعدم رضا الرئيس على أدائه حتى إنه تجاهل أن يذكر أى شيء فى خطاب حالة الاتحاد عن أنشطة وزارة الإسكان، وكان الكل يعلم أن الرئيس سيطيح به ضمن تعديل وزارى قريب. لكن طبعا حدث ما لم يتوقعه أحد وأصبح الرجل فى غمضة عين رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية بعد أن طلب منه كبير الموظفين أن يستعد للرحيل عارضا عليه وظيفة سفير لأمريكا فى أوروبا.

الرجل ليس له علاقة بدهاليز السياسة بمعناها العميق. ولكنه مجرد موظف بدرجة وزير ورجل طيب حنون نجح فى إقناع ابنته بالخلود للنوم بأن وعدها وعدا يعرف أنه لن يستطيع الوفاء به قائلا تلك العبارة العبقرية عن حقيقة إدارة أمور السياسة فى البيت الأبيض. طبعا ومن اللحظة الأولى التى وجد نفسه فيها رئيسا يبدأ الرجل فى مواجهة تحديات غير عادية ليس أخطرها الإرهاب الذى تعرض له أقوى نظام فى العالم ولكن كذلك تلك الصراعات الداخلية التى تدور فى كواليس البيت الأبيض، والتى تكشف كيف يدير هذا النظام العالم كله مع أن حجم الصراعات التى تدور داخله كفيلة بهدمه من الداخل دون الحاجة لتفجيرات خارجية.

ما شاهدته من الحلقات الأولى من مسلسل الخليفة المرشح يوكد أن أى شخص عادى يصل لكرسى الحكم فى البيت الأبيض ممكن أن ينجح فى التعامل مع كل الملفات، حيث إن القواعد لا تتغير حتى وإن تغير الأشخاص، نعم، ففى البيت الأبيض بايدن زى الحاج ترامب ولا فرق سياسى أفنى عمره حتى وصل لكرسى الحكم وبين عابر سبيل كان كل حلمه أن يكون سفيرا لبلاده فى أى دولة. وتلك هى المسألة.

[email protected]