رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحد الموضوعات المثيرة للاهتمام فى أمريكا فى السنوات الأخيرة، هى كيف تغير معنى الدعاية على مدى المائة عام الماضية، حيث يقوم المرشحون الفرديون والأحزاب السياسية بتفعيل آلة العلاقات العامة بالإعلان ببراعة وتمكن عن الخصائص الإيجابية لمرشحيهم، والخصائص السلبية للخصم. وجاء ذلك مع بدء تراجع الولاء الحزبى فى الثلاثينيات، فزادت حاجة الرؤساء والمرشحين للرئاسة لإظهار صورة ثابتة وإيجابية عنهم.

بل إن المؤتمر الصحفى الرئاسى تغير بشكل كبير. سابقاً كان المؤتمر الصحفى أقرب إلى الحديث الهادئ، حيث يتحدث الرؤساء بشكل غير رسمى عن خططهم للصحفيين ويسعون إلى بناء علاقات شخصية معهم، أما اليوم، فغالبًا ما يكون المؤتمر الصحفى مخصصًا للتلفزيون، حيث يطرح الصحفيون المختارون مسبقًا أسئلة قد تبدو معارضة، رغم أنها معدة من قبل، ولدى الرئيس معلومات عنها.

وعندما يتحدث الرؤساء أو المرشحين علنًا فى الوقت الحاضر، يركز الناخبون على فنانى الماكياج والسحرة الذين يقفون خلف الستار، ويعملون كملقن. لقد أصبح الأمريكيون مهيئين للتكهن ليس فقط بمحتوى ما يخبرهم به السياسيون، ولكن أيضًا، دوافعهم وحيلهم، فعندما ناقش جورج دبليو بوش جون كيرى فى عام 2004، أصر بعض المشاهدين على أن الانتفاخ المرئى فى ظهر بدلة الرئيس كان نوعًا من الأجهزة الإلكترونية، التى تسمح لخبراء بوش الاستراتيجيين بإعطائه نصائح حول ما سيقوله.

كان وارين هاردينج أول رئيس يستخدم كاتب الخطابات متفرغ - جودسون ويليفير - الذى كان يُطلق عليه «كاتب الأدب». وهنا أثير الجدل بشأن ما إذا كان الناخبون يحصلون حقًا على الرجال الذين اعتقدوا أنهم ينتخبونه، وهاردينج أيضا أول من استخدم الممثلين والشخصيات العامة فى الدعاية ضمن الحملة الانتخابية، وشارك فى حملته من الفنانين الأكثر شهرة فى العشرينيات آل جولسون، وهو جمهورى قام بزيارة منزل هاردينج فى ماريون، أوهايو حيث كان يلقى خطبًا ؛ وغنى جولسون «هاردينج أنت الرجل بالنسبة لنا»، وهو لحن معد على عجل عزز به دعمه السياسى له، والممثلان دوجلاس فيربانكس ومارى بيكفورد قام برحلة خلف هاردينج.

وبفضل الراديو سمع كالفين كوليدج (الرئيس الثلاثون للولايات المتحدة) ما لا يقل عن 10 أضعاف عدد الأشخاص الذين سمعوا عن أى رجل آخر عاش على الإطلاق حتى ذلك الوقت.

ولقد استغلال روزفلت استطلاعات الرأى لقياس ردود الفعل العامة للعديد من قراراته. والطريف أن هارى ترومان تم تدريبه من قبل مدير إذاعة، علمه كيفية التوقف مؤقتًا من أجل التأثير الدرامى.

ولكن جون كينيدى فتح الباب أكثر للإعلام، من خلال السماح بالتصوير فى المكتب البيضاوى. ومع الوقت أصبحت الشاشة الصغيرة تقوض السلطة الرئاسية بل وكانت سبباً فى تقليص هيبة الرئيس.

ونحن نعلم أن الإعلام كان سبباً فى الإطاحة بالرئيس ريتشارد نيكسون الذى أكد فى مذكراته أنه بالنسبة للرؤساء المعاصرين: «يجب أن يتم ترتيب الاهتمام بالصورة مع الاهتمام بالجوهر»، وفى الحقيقة أن جهود نيكسون الدؤوبة فى العلاقات العامة عملت على تقوية سمعته فيما يتعلق بالمكر والنفاق.

والعالمون بفنون الدعاية الانتخابية يرون أن الرئيس رونالد ريجان أدى دوره المشهور كمتواصل مع الإعلام وكيفية الاستفادة من فنونه، ولكنه لم يكن مبتكرًا، بل كان أستاذاً فى استخدام الأساليب التى طورتها سلسلة طويلة من الرؤساء السابقين بشكل تدريجى.

فى الوقت الذى أنفق فيه اوباما ومنافسه الجمهورى رومنى نحو مليارى دولار على الدعاية التلفزيونية والأنشطة الانتخابية، تحولت بيئة الانترنت الى ساحة معارك شرسة للحملات الانتخابية من اجل ضمان دعم الناخبين. ومن إحدى اللحظات الرائعة التى شهدتها الحملة الانتخابية لأوباما ظهوره على موقع (ريدت) للاخبار الاجتماعية. وقضى أوباما نحو 30 دقيقة يجيب عن أسئلة ملايين المستخدمين للموقع.

أصبحت عبارة «أربع سنوات أخرى» الى جانب صورة يعانق فيها الرئيس الأمريكى باراك أوباما زوجته ميشيل من أكثر التغريدات انتشاراً على موقع التواصل الاجتماعى تويتر، وأبرزت التغريدة الدور الحيوى الذى تنهض به وسائل الاعلام الاجتماعية من حيث نشر المعلومات وإقناع الناخبين.

وبالعودة إلى عام 2016، تفاخر موظفو حملة ترامب باستخدام إعلانات تحريضية على «فيسبوك» تهدف إلى ردع الأمريكيين السود من الذهاب لصناديق الاقتراع. ففى اجتماع عام 2017 مع قادة من جماعات الحقوق المدنية، بدا ترمب وكأنه يحتفى بالمشاركة المنخفضة للسود، قائلاً إن غيابهم عن صناديق الاقتراع كان «جيداً بقدر الحصول على أصواتهم».

فى عام 2020 حملة بايدن سعت جاهدة لتحقيق الانتصار فى هذه المعركة، وتركيزهم انصب بشكل أساسى على إقناع الناخبين بأن مستقبلهم سيكون أكثر إشراقاً فى ظل رئاسة بايدن. فى المقابل، تخلى مسؤولو حملة ترامب عن قواعد المواجهة الشريفة، وكانوا ليسوا مستعدين فقط لكسرها، بل يستمتعون بفعل ذلك.

وفى النهاية يبدو أن المكياج الرئاسى يتطور مع الوقت، ويصبح أكثر خداعاً وقدرة على جعل الناس ينساقون وراءه، كما هو الحال بالنسبة لاستخدام مساحيق التجميل لإخفاء عيوب الوجه.