عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

جاء الخامس من مايو ومضى، ولا يزال حساب الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب مغلقاً على الفيس بوك. ومع ذلك لم يرض قرار المجلس الاستشارى لأكبر شركة رواد السوشيال ميديا فى العالم. الجناح اليمينى غاضب من عدم إعادة حساب ترامب. الجناح اليسارى غاضب لأن الفيس بوك لم يحظره بشكل دائم من المنصة. بدلاً من ذلك، قام المجلس الاستشارى بتأجيل القرار النهائى فقط، ووضع جدول زمنى مدته ستة أشهر لإدارة الفيس بوك للتوصل إلى سبب منطقى أكثر قوة لأى حظر.

الغريب أن إدارة الفيس أرجعت سبب حظر حساب «دونالد ترامب» الى أن الرئيس الأمريكى السابق: «أوجد بيئة فيها مخاطر جدية للانزلاق نحو العنف»، عبر ما نشره من تعليقات يوم الهجوم على مبنى الكابيتول، على الجانب الآخر نجد الفيس بوك وفر منبرًا للمتنمرين البيض، أو أصحاب نظريات المؤامرة، أو الجماعات المتطرفة العنيفة، أو السياسيين الشعبويين الذين لهم تاريخ فى نشر الأكاذيب والتحريض على العنف؛ بل إن هذه المنصات مصممة على مضاعفة رسائل هذه المجموعات للمستخدمين الذين قد يتأثرون بها أكثر من غيرها.

فالفيس بوك الذى أصبح أسداً الآن على ترامب لا يهمه سوى النقرات، لأنها تترجم إلى أموال، ويعد الإشراف على محتوى الشركة بمثابة ورقة توت يمكن بسهولة استخدامها من خلال مجموعات من المستخدمين، للإبلاغ عن الحسابات التى لا تعجبهم، ونتيجة لذلك تعمل غرفة الصدى الخوارزمية فى وسائل التواصل الاجتماعى تلقائيًا وبشكل لا يرحم على تضخيم الكثير من المحتوى الأكثر خطورة، والفظاعة، والهجوم، والتدمير بشكل عام.

هذا القرار من الفيس بوك تجاه ترامب، يجعلنا نطرح أسئلة أكثر أهمية، وقد لا يستطيع الكثيرون فى وادى السيليكون الإجابة عنها وأهم هذه الأسئلة:هل يمكن لشركات التواصل الاجتماعى مثل الفيس بوك وتويتر تقليل التأثير المدمر اجتماعيًا لمنصاتها؟ وبالأخص تأجيج الانقسامات والصراعات، وهل تستطيع وقف استخدام بيانات المستخدم التفصيلية؟ الرائع أن الإجابة عن هذا السؤال كان من شركة آبل، التى عينت نفسها حارساً لبوابة الخصوصية لعملاء آى فون، بل وتهدد الآن بوقف تدفق البيانات التى تغذى الخوارزميات التى تستخدمها شركات التواصل الاجتماعى، لاستهداف الإعلانات والمحتوى وتمكين الانتهاكات.

بالطبع يبدو من المظهر الخارجى أن الشركة، التى أنشأها ستيف جوبز تحمى خصوصية مستخدميها أمام جشع مطورى التطبيقات، ولكنها لا تفعل ذلك من منطلق طيبة القلب بالطبع، بل لأنها تكسب المال عن طريق بيع الأجهزة والضمانات ورسوم الاشتراك المرتبطة بـiCloud وApple Music، وكان عزل نظامها الأساسى للتحكم فى تحقيق الدخل لفترة طويلة، جزءًا من نموذج أعمالها.

وفى الحقيقة فإن حرمان خوارزميات البيانات قد يؤدى إلى قطع شوط طويل نحو الحد من الآثار السيئة لوسائل التواصل الاجتماعى. وربما ستجبر هذه التجربة الشبكات للبحث عن طرق أفضل لكسب المال، بدلاً من تفريغ بيانات المستخدم وسلوكه لتغذية الإعلانات المستهدفة.

وفى الحقيقة أن أحد اسباب الهجوم على ترامب سببه أن حملته حققت الكثير من خلال الفيس بوك وخاصة فى 2016، فعلى الرغم من بذل كلا الحزبين الرئيسيين جهودًا قوية لاستخدام الفيس بوك لجمع التبرعات، إلا أن ترامب كان رائدًا فى بناء حملته إلى حد كبير على جهد إعلانى متطور للغاية على الفيس بوك، لجمع التبرعات وعناوين البريد الإلكترونى وأرقام الهواتف المحمولة. فى الواقع، كان موظفو الفيس بوك منخرطين فى حملة ترامب فى وقت مبكر من خوضه الانتخابات الرئاسية لعام 2016، حيث لعبوا دورًا رئيسيًا فى الدعم الفنى والاستشارى لشركات وادى السيليكون لترامب.

ومن ذلك نعرف أن ترامب هو أحد أعراض المشكلة وليس مصدرًا لها. وستكون هناك دائمًا شخصيات، مثل ترامب تثير غضب البعض على وسائل التواصل الاجتماعى. لذلك إزالة الخوارزميات وإنشاء نموذج عمل مختلف، سيقلل من مشكلة خبيثة حاليًا وخارجة عن السيطرة، إلى مشكلة يمكن التحكم فيها.

وربما فى النهاية، قد يشكر الفيس بوك شركة أبل، على مساعدتها غير المقصودة، وقد ينتهى بنا الأمر جميعًا مع منصات وسائل التواصل الاجتماعى للوقوف فى وجه استغلالنا، تلك المنصات التى لم تعد سوى غرف صدى مصممة لتحقيق الربح، من خلال تأجيج أسوأ دوافع البشرية، لمعرفة المعلومات الشخصية، واستخدامها لتحقيق الأرباح، وأغراض أخرى.