رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

هذا العنوان قد يبدو أنه يتضمن قدرا من التزيد، بمعنى أنه يصدر في شكل نصيحة مِن «مَن لا يملك»، وهو كاتب هذه السطور - المعلومات والبيانات الكافية الخاصة بأخطار الملء الثاني،  إلى «من لا يستحق» - مثل هذه االنصيحة وهو إدارة الدولة التي لا شك لديها من المعرفة الكثير التي تجعلها تتخذ القرار السليم دون الحاجة إلى تحذير من هذا أو ذاك. غير أنه ربما يعبر إذا نظرنا له من زاوية أخرى عن طبيعة الأمور باعتبار خوفنا كلنا - أفرادا ودولة - على مصائر النيل وما يمكن أن تؤدي إليه مثل هذه العملية – الملء الثاني – باعتبارها جزءا من عملية شاملة تهدد إمدادات مصر المائية.

ما يجعلك ويجعلني أطمئن بعيدا عن شواهد الأمور وما إذا كانت توحي بالخطر أم لا اليقين الذي يبدو عليه الرئيس السيسي في التاكيد على أنه لن يتم المساس بنقطة مياه واحدة من حقها في مياه النيل، وهو الأمر الذي يؤكد عليه الرئيس دوما وكان أخرها أمس الأول وكان الجديد إعرابه عن سعادته بهذا القلق باعتباره يدلل على مدى حب المصريين لوطنهم.

غير أن ما يجعل الفكرة قائمة، الحذر والتحذير من الملء الثاني، واقع الأمور التي يشير إلى أن اثيوبيا عازمة على المضي قدما في هذه الخطوة بغض النظر عن مواقف الأطراف الأخرى وبغض النظر عن التوصل إلى اتفاق من عدمه. والأكثر أهمية هو الخطورة التي تمثلها هذه الخطوة حيث تفرض واقعا جديدا ربما يمثل طيا لملف الازمة بغض النظر عن تفاصيل ما يجري في المستقبل من تطورات، الأمر الذي لن تستطيع تغييره سوى عبر المسار غير التفاوضي!

وإذا كنا قد أشرنا في مقال الأسبوع الماضي إلى مؤشرات على مثل هذا الأمر، فإن تطورات الأيام الماضية عززت طرحنا وأكد صحته جانبان.

الجانب الأول: تغليب الحديث عن اعتماد المفاوضات كخيار أساسي لحل الأزمة وهو الأمر الذي تتبناه الدول الثلاث وإذا وضعنا في الاعتبار أن الملء الثاني خلال ٦٠ يوما فإن هذا الأمر ربما يمثل نوعا من القبول المبدئي به. وانعكس هذا بشكل واضح في اندثار التحذير من الملء الثاني في الخطاب السياسي لمصر والسودان كتطور مفصلي في أزمة السد، وهو الأمر الذي يبدو أكثر وضوحا في تصريحات وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق والتي استبعدت تجاوز بلادها الحل الدبلوماسي مهما كانت الخطوات الإثيوبية.

ولا يعني ذلك بالطبع أن هناك تهاونا في رؤية الدولتين لحل الأزمة بالطرق التي تريانها مناسبة لهما وإنما إمكانية تمرير عملية الملء الثاني مع البحث في سبل الرد بطرق دبلوماسية أيضا وفي هذا الصدد أشارت  مصادر إلى أن من بين الخيارات المتاحة مطالبة السودان بمنطقة بني شنقول المقام عليها السد، بالإضافة إلى اللجوء إلى التحكيم الدولي والمطالبة بفرض عقوبات على أديس أبابا، وقد يكون خيار القوة في النهاية خيارا أخيرا.

الجانب الثاني: يتمثل في طبيعة الصيغ المطروحة من الوسطاء سواء الولايات المتحدة ممثلة في جولة المبعوث فيلتمان أو الجهود الأفريقية وعلى رأسها  الرئيس الكونغولي والتي تتمحور حول حل جزئي يتركز حول الملء الثاني الأمر الذي ترفضه  القاهرة والخرطوم وسط إصرار على ضرورة التوصل إلى اتفاق شامل وملزم.

ويتواكب مع هذه التحركات لغة إثيوبية جديدة تحاول استمالة الرأي العام الدولي من خلالها وهو ما يبدو في تاكيد أبي أحمد على أن يكون السد رمزا للتعاون والتنمية المتبادلة والتزامه بعدم إلحاق الضرر بدولتي المصب، وفي ذات الوقت تأكيد التزام بلاده بالعملية التفاوضية التي يقودها الاتحاد الإفريقي الأمر الذي يصب في صالح إثيوبيا في ظل حقيقة أن المفاوضات مثلت هروبا لها من تنفيذ أي استحقاقات، فضلا عن أن المظلة الأفريقية اتاحت لها التهرب من الضغوط الدولية.

لكل هذه الأسباب وكل هذه التصورات فإنه من المؤكد أن العمل بكل السبل على عدم تحقق خطوة الملء الثاني دون اتفاق شامل يعد الخطوة الأمثل من منظور المصلحة المصرية السودانية.

 

[email protected]