رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

 

 

التاريخ تاريخ، والدين دين. ليسا سواء، لكن خبثاء التيار المتأسلم يخلطونهما بحثا عن توافق مع ممارساتهم. ولا شك أن أفعال البشر مهما نصعت سيرهم لا تعنى بالضرورة أن تلك الأفعال هى الإسلام. ذلك لأننا لو اعتبرنا حسناتهم كذلك، فإننا سنقع فى مأزق تبرير سيئاتهم أو دمجها فى الدين رغم أنها صنائع بشر.

من هنا أتصور ضرورة إعادة قراءة التاريخ الإسلامى بوعى مُحايد خاصة تلك الحوادث التى اختلطت بالإسلام نفسه وصارت ضمن أحكامه. إن الصحابة الكرام والسلف العظيم لهم تقديرهم بدون شك، لكن ليس من المقبول تصوير أعمالهم وسياساتهم تحديدا باعتبارها الإسلام الصحيح لأن فى ذلك تلويثا للمُقدس بسلوك البشر، خاصة أن الصحابة أنفسهم عليهم رضوان الله جميعًا اختلفوا فيما بينهم فى كثير من أمور الدُنيا.

من هُنا يجب النظر لما يسمى بحروب الردة والفتوحات الإسلامية وأحداث الفتنة الكبرى والخلافات حول اختيار الحاكم باعتبارها أمورا دُنيوية بحتة، لا علاقة لها بالدين، الذى أطلق حرية الفرد فى الاجتهاد فيما يخص أمور السياسة.

ولا شك أن ذلك يُبرهن بقوة وبوضوح على علمانية الدين الإسلامى، تلك المقولة التى جهر بها يوما توفيق الحكيم فحاربه المحاربون وكفّره المكفرون، ومعنى ذلك أن الاسلام أقر بفصل أمور السياسة تماما عن الدين، وتفضيله لاختيار الحاكم القوى العادل والذى قد يكون فاسقًا على الحاكم الضعيف حتى لو كان مُتدينًا.

إن علم التاريخ الصحيح يجب أن يفصل تمامًا بين أفعال العباد وأحكام رب العباد، فكثير من الخلفاء ألبسوا أفعالهم وسياساتهم رداء التقديس، وكُنا نرى البعض يساوى بين الناس فى المنح والعطايا باعتبار أن ذلك هو حكم الإسلام، بينما يفاضل آخرون بين الناس بعضهم البعض ويرون أن ذلك هو الإسلام. نفس الأمر فيمن يتولى الخلافة، فالبعض أخرج كُل من هم ليسوا من قريش، وهكذا لويت النصوص، ووضعت الأحاديث لدعم سياسات ومواقف أشخاص بعينهم، وهو ما مثُل اختطافًا للإسلام من قبل أهل الحُكم ورجال السياسة.

ولا شك أن معضلة ما يعرف بالإسلام السياسى التى تضرب مجتمعاتنا الآن تعود فى الأساس لمأساة كتابة التاريخ الخاطئة، التى مزجت بين الرجال والنصوص، وخلطت بين السياسة وأحكام الدين.

وتصورى، أن كتابة تاريخنا ترس مهم فى مواجهة أفكار الإرهاب والانقلاب والثورات وإشاعة الفوضى التى تُصدر إلينا، وتساهم فى إنشاء ميليشيات وعصابات دموية شوهت الدين، ورصّت شواهد القُبح إلى جوار بعضها تحت لافتة نصر دين الله.

تلك حلقة يجب الالتفات إليها، فالتاريخ هو وعاء الثقافة العربية، وتنقيته، ومحو القداسة عن رجاله مع كامل تقديرنا واحترامنا للصحابة ضرورة فى زمن تحديث الإسلام، ورده إلى أصوله الداعية للخير والمنتصرة لمصالح العباد وسلامهم.

والله أعلى وأعلم.

 

mailto:[email protected]