رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حتى نلتقى

 

 

فوجئ كثير من الناس بأن النجم الفلانى تقاضى ثلاثين مليون جنيه عن دوره فى المسلسل الرمضانى، وأن نصيب النجم العلانى من بطولة حلقة واحدة يصل إلى مليون جنيه، وأن النجمة الشابة بلغ أجرها عشرة ملايين جنيه... وهكذا تناثرت الملايين فى الصحف ومواقع التواصل الاجتماعى، فأثارت الإعجاب حيناً، وأشعلت السخط حيناً، وفجّرت الأسئلة الحائرة غالبًا، فما الحكاية؟

يبدو لى أن إمتاع الناس بالجسد هو الفيصل، فالملايين يشاهدون الممثل بجسده كاملاً وهو (يعمل)، حيث يقف أمامهم على شاشة السينما أو التلفزيون. يؤدى دوره فينفعل به الجمهور ويتفاعل معه، فتسرى فى أوردة الملايين تيارات الإعجاب، الأمر الذى ينعكس على سوق الفن، فترتفع بورصة نجوم التمثيل وتنهمر عليهم الأموال بغير حساب.

كذلك الأمر مع لاعب الكرة، فهنالك الملايين من الناس، وربما المليارات التى تتابع نشاطه الكروى بشغف على شاشات العالم، لذا يتقاضون أرقاماً فلكية (ميسى 126 مليون دولار، ورونالدو 117 مليون، ومحمد صلاح 37 مليون دولار فى عام 2020 وفقاً لمجلة فوربس).

ترشق ملايين الأعين لاعب الكرة بنظراتهم القلقة طوال المبارة، فيرصدون حركة جسده وهو (يعمل)، إذ يجرى ويقفز ويقف، ويتمهل ويراوغ ويمرر، ويسجل الهدف، فيثب فرحًا مسرورًا، أو يتأملون إحباطه وغضبه وانفعاله عندما يخطئ هو أو زميله. أى أن كل سنتيمتر فى جسد اللاعب مكشوف تمامًا أمام ملايين الناس، يمتعهم ويسعدهم بمهاراته وانتصاراته، فيدفعون المال نظير هذه المتعة الخالصة، أى أن الملايين من البشر تشاهد جسد لاعب الكرة وهو (يعمل) مثلما يحدث مع الممثل.

أما الطبيب، على سبيل المثال، فلا يرى أحد جسده وهو (يعمل) سوى المريض والممرضة المعاونة له، وربما لا يراه المريض أصلاً إذا وقع تحت التخدير. كما أن الطبيب لا يقدم (المتعة) للملايين. صحيح أنه يعالج ويشفى المريض، لكن لن يفرح بذلك سوى آحاد الناس من أهل المريض!

الأمر نفسه ينطبق على المهندس أو المدرس أو المحاسب، إذ لا يرى جسد أى منهم وهو (يعمل) سوى قلة قليلة جدًا من الناس، صحيح أن عمل هؤلاء يفيد الناس، لكنها إفادة خالية من المتعة المباشرة البسيطة التى يوفرها اللاعب أو الممثل للملايين.

حتى الكاتب، لا يرى جسده أحد وهو (يعمل)، فأنا أكتب هذا المقال فى غرفة مكتبى، فلا ترانى حضرتك ولا أى قارئ وأنا منغمس فى التفكير والتأمل محاولاً باستماتة ترويض اللغة لتصل إليك الفكرة سلسة عذبة (ممتعة).

باستثناء رجال الأعمال وكبار التجار لا يتذوق طعم الثراء الفاحش سوى الممثل واللاعب، أما المذيع التلفزيونى فله نصيب كبير أيضا من المال، لكنه أقل من النجم السينمائى ولاعب الكرة، لأن الناس لا ترى سوى (نصف جسده) فقط وهو (يعمل)!

أرجو ألا تظن أن هذا الأمر خاص بالنجوم المصريين، إذ إن نجوم هوليوود يتقاضون مبالغ خرافية أيضا، فالممثل والمصارع الأمريكى السابق دواين جونسون تقاضى 87.5 مليون دولار خلال عام 2020 بعد تعاقده مع منصة «نتفليكس»، محققاً بذلك أعلى أجر، بينما حصل جاكى شان صاحب الترتيب العاشر على 40 مليون دولار. ولك أن تتخيل حجم الأرباح التى تدخل فى رصيد شركات الإنتاج.

باختصار... إذا رأى (جسدك كاملاً) وهو (يعمل) ملايين الناس و(استمتعوا بأدائك لعملك)، فقد ربحت الأموال الطائلة والشهرة المدوية... وربما المجد، وستنفتح لك الأبواب المغلقة، أما إذا كنت تعمل بمفردك، فلا يرى (جسدك) سوى حفنة قليلة من الناس وأنت منهمك فى عملك، فلك الستر فى أفضل الأحوال.

على أية حال، نحن نشكر الظروف لأننا من أصحاب الستر، وكل عام وأنت طيب.