عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

نظر صاحبى فى المرآة، فانتابه الحزن. وحكى لى أنه أنكر نفسه، وقد لمح مساحة الشعر الأبيض تزداد اتساعاً فوق رأسه، وظهرت بعض التجاعيد على وجهه.

قال لى صديقى إن قطار العمر يمر سريعاً، فننظر بأسى إلى سنوات مضت، ونتحسر عليها، ونشعر بأن أعمارنا ركضت دون أن نحقق ما نحلم به.

ومثل هذه التصورات والخواطر مرت بى عندما جاوزت العقد الخامس من عمرى، لكننى لم ألبث أن استوعبتها سريعاً بفضل قراءات فلسفية منحتنى التصالح مع الحياة، وساعدتنى على الشعور بالرضا التام، والإيمان المطلق بأنه لا يوجد سن للتألق والشعور بحيوية الشباب.

إننى أتذكر عبارة فلسفية فى ذلك الشأن تقول «إن كبر السن أمر حتمى لا خيار لنا فيه، أما نضج العقل والفكر فهو أمر اختيارى، فاجعل النضج خيارك كلما تقدمت فى العمر»، وهذا النضج فى رأيى له مظاهر عديدة، ربما أهمها الموضوعية فى الحوار، وضبط الانفعال عند الاختلاف فى الرأى، وقبول الآخر مهما كانت المسافة الفاصلة بيننا وبين هذا الآخر، وإدراك عيوبنا قبل مميزاتنا، والتصالح الكامل مع الحياة.

إن الزمن يستحق أن نعيشه، ونشعر به بغض النظر عن أهدافنا وأحلامنا التى نسعى لتحقيقها. تقول السياسية الأمريكية إلينور روزفلت «إن الأمس صار تاريخاً، وغداً لا نعرف عنه شيئاً، واليوم فهو هدية من السماء يجب أن نقدرها ونحافظ عليها».

وأقول لصديقى القلق من مرور العمر «تأنى فى سيرك، ولا تتعجل الأحلام الفائتة، وعش حاضرك كما ينبغى»

ففى تصورى إن إحدى وسائل مقاومة الزمن هى الاحتفاظ الدائم بروح الدعابة، والإيمان الكامل بالأمل فى كل أمر، واليقين بأن لكل مشكلة مهما بدت عويصة وصعبة حلولاً كثيرة، وأنه لا يوجد طريق مغلق تماماً.

إننى أنصح أصدقائى ومعارفى، ممن هم فى عمرى أو أكبر بالاحتفاظ بقلوبهم وعقولهم شابة مهما امتد بهم العمر. وأقول لمن تجاوز الخمسين والستين: أنت لست مستثنى من الفرح أو الحب أو المرح، استمر فى الرياضة، والاطلاع، والتعلم. واعلم يقيناً أنك لست عجوزاً ولن تكون إلا عندما لا تجد فارقاً بين ليلك ونهارك.

وتذكر أيضاً أن الإنجازات لا تحسب بعدد السنين، فحياة الإنسان تقاس بقدرته على التأثير إيجابياً فى من حوله، وفى مجتمعه ومحيطه، وتقاس أيضاً بقدرته على الاستمتاع بكل ما فى الحياة من جمال ونعم، بغض النظر عن الإمكانات المادية. فالحياة مليئة بالنعم التى لا تحصى، وربما ابتسامة صادقة فى وجه محب لها هى نعمة عظيمة تفوق ثروات يحسبها الناس كبيرة.

إن كل شاب يتمتع بشبابه فكراً وروحاً بغض النظر عن السنين التى عاشها على الأرض. وليس أكثر شباباً من إنسان يبحث كل يوم عن جديد، ويسعى كل حين لاكتساب مهارة أو معرفة لم يحزها، ويؤمن بقدرته على تغيير حياته وحيوات من حوله بالفكر، والثقافة، والمعرفة.

إن أخطر أنواع التجاعيد فى اعتقادى، هى تجاعيد العقل، والفكر، لذا فإننى أنصح أبنائى وطلابى بأن يقرأوا كثيراً، ويراجعوا أفكارهم كل حين، فالثبات ضد الشباب، وعلى الراغبين فى التمتع بالشباب حتى لقاء الله، أن يتحرروا من الجمود، ويواكبوا العالم سريع التغير والتطور.

تلك كانت خواطر إنسانية، دارت برأسى بعيداً عن قضايا السياسة الملحة، وأحاديثها، وأحوال الاقتصاد، وتطور الوباء فى مصر والعالم.

وسلام على الأمة المصرية.