عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

فى إعلان بدا دينيًّا.. سجد لله شكرًا الدكتور محمد عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة، فى بوست له على الفيسبوك، لما اعتبره ردًا لكرامة فكره ورأيه، فى قضية تجديد الخطاب الدينى، وفى ضرورة تعاملنا بمرونة مع التراث، وذلك بعد حديث شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب فى بعض حلقات برنامجه التليفزيونى « الإمام الطيب» مؤخرًا، والذى بدا كإعلان دنيويٍ، متراجعًا فيه عن موقفه السابق المتشدد فى مسألة التمسك بالتراث، ومتخليًا عن رفضه لترك بيت الوالد القديم «التراث» إلى منزل «التجديد» لمواكبة العصر!

وهكذا.. عادت إلى الأذهان مرة أخرى المحاورة الشهيرة بين شيخ الأزهر ورئيس جامعة القاهرة فى مؤتمر الأزهر العالمى للتجديد فى الفكر الإسلامى العام الماضى، والتى بدأت بجرأة أستاذ الفلسفة الدكتور الخشت، بالمناداة بضرورة تجديد التراث الدينى فى قلب الأزهر، وبين الأزهريين، من العلماء والتلاميذ والضيوف، وكان شجاعًا بالمطالبة بـ«تأسيس بناء فكرى جديد بمفاهيم حديثة» يتناسب مع مقتضيات العصر الحديث، لتحقيق «عصر دينى جديد»!

وبالطبع لم يسكت شيخ الأزهر الدكتور الطيب وقتها، ورد على أفكار الدكتور الخشت بشدة ناعمة، وبطريقة شابتها بعض السخرية، وسط تصفيق وتهليل مؤيديه، والذى بدا فيها الشيخ الطيب حامى حمى بيتنا من التراث، وأظهر الدكتور الخشت وكأنه الأبن الشرس الذى يريد التخلى عن بيت أبيه وهدمه بدعوى التجديد.. ورغم أن الدكتور الخشت بيّن للحاضرين، وللشيخ الطيب، إنه لا ينطق عن جهل، وإنه عالم كبير متخصص، وصاحب مؤلفات علمية رصينة، إلا أن ذلك لم يمنع شيخ الأزهر من الاستمرار فى الدفاع عن التراث وأهميته فى بناء الأمم، وتعجب من الهجوم على التراث الذى «خلق أمة كاملة»، وسمح للمسلمين الأوائل بوضع قدم فى الأندلس وأخرى فى الصين.. ووصف إشكالية التعامل مع التراث بأنها: «فتنة سياسية وليست تراثية».. وأعتقد أنه فات على الشيخ الطيب أن هذه الأمة «الكاملة» التى وضعت قدميها على الاندلس والصين وضعتها بالسياسة وبالسيف وليس بالتراث، بل واتخذت من التراث مطّية لتحقيق طموحات سياسية.. لا تراثية!

وما يهمنا الآن.. هو آراء الشيخ الطيب الجديدة عن التراث التى اعتبرها البعض تراجعًا عن موقفه المتشدد فى مواجهة الدكتور الخشت فى الواقعة الشهيرة بينهما.. ففى برنامجه الذى يذاع على التليفزيون المصرى حاليًا تحت اسم «الإمام الطيب»، وخصوصًا فى الحلقات الثلاث (16، 17، 18).. قال شيخ الأزهر فى الحلقة الـ16، إن «من أهم العوامل التى شكلت ما يشبه العوائق على طريق التجديد، عدم التفرقة بين ما هو ثابت وما هو متغير، وأن صيغة معينة من الصِّيغ الفقهية فى العصور الخوالى، اكتسبت شرعية الثبوت وشرعية استبعاد الصيغ الأخرى التى تحقق ذات المقصد، لا لشيء إلَّا لأن هذه الصيغة استحسنها نظام اجتماعى معين»..!

وأشار الشيخ الطيب فى الحلقة الـ17 إلى أن «التجديد الدائم فى التراث هو المنوط به بقاء الإسلام دينًا حيًّا متحركًا ينشر العدل والمساواة بين الناس، والتراث حين يتخذ من التجديد أداة أو أسلوبًا يعبِّر به عن نفسه يشبه التيار الدافق، والنهر السيال الذى لا يكف لحظة عن الجريان، وإلا تحول إلى ما يشبه ماء راكد آسن يضر أكثر مما يفيد». وفى الحلقة الـ18، قال: «إن الدعوة لتقديس التراث الفقهى، ومساواته فى ذلك بالشريعة تؤدى إلى جمود الفقه الإسلامى المعاصر، نتيجة تمسك البعض بالتقيد -الحرفي- بما ورد من فتاوى أو أحكام فقهية قديمة كانت تمثل تجديدا ومواكبة لقضاياها فى عصرها»..!

[email protected]