رؤى
هل لوسائل الإعلام أهمية؟ ما هو حال الحكومة بدون وسائل إعلام أو عند حدوث وقيعة بينهما؟، لن أتحدث عن أهمية الإعلام بشكل مباشر لنظام الحكم، بل سأوضح الأهمية من خلال عرض واقعة حكومية جرت قبل 104 سنوات، كانت الحكومة بصدد إجراء تعداد سكانى، كانت تجريه كل 10 سنوات، الحكومة خافت على موظفيها من اعتداء المواطنين عليهم، المصريون كانوا يتشككون فيمن يطرق بابهم ويستفسر عن عدد أفراد الأسرة، فنسبة الأمية كانت مرتفعة آنذاك، ولم تكن مصر تعرف التليفزيون والإذاعة وغيرها من وسائل الإعلام.
قبل شهر من بدء التعداد حاولت الحكومة التمهيد للمواطنين، وسيلتها فى ذلك كانت خطباء المساجد، عمد ومشايخ القرى والحارات وموظفى الحكومة فى المحليات، كلفوا بشرح وأهمية الإحصاءات التى ستجرى، الحكومة ركزت بشكل أكبر على خطباء المساجد، ونبهت عليهم الشرح والتوضيح فى صلاة الجمعة وبعد الصلوات المختلفة، والتأكيد على مساعدة موظفى الإحصاء الذين سيطرقون أبوابهم.
ونزل الموظفون بالفعل وطرقوا الأبواب فى الأحياء والقرى والنجوع، وشرحوا للعمال والفلاحين معنى التعداد وأهميته، وبالطبع عدم ارتباطه بالضرائب أو غير ذلك ما يثير ريبة المواطنين. ونشر الإحصاء كاملاً فى الصحف والمجلات التى كانت تصدر أيامها، وأهمية التعداد ليست فى عدد سكان مصر آنذاك، بل التفاصيل التى شملت التعداد، الحرف، التعليم، الديانة، وغيرها ما يقدم قراءة اجتماعية دقيقة للمجتمع المصرى قبل 104 سنة، خاصة وضع المرأة المصرية، تعليمها، الوظائف والمهن التى كانت تعمل بها، المرأة لم تكن على الهامش أو حبيسة المشربية كما تصور البعض، بل كانت تشارك فى جميع المجالات، صحيح مشاركتها كانت بنسبة ليست كبيرة، لكنها شاركت فى جميع المجالات، ولم تترك مجالاً ولا حرفة إلا وشاركت فيه.
بلغ عدد من عملوا فى الإحصاء نحو 68 ألفاً و100 موظف وشيخ حارة ومأمور مركز، استهلكوا 66 ألفاً 587 قلم رصاص، تم تحرير الاحصاء فى 266 ألفاً و250 كشفاً، وضعت فى 87 كيساً.
التعداد كلف الحكومة نحو 39 ألفاً و588 جنيهاً، بزيادة 13 ألفاً و415 جنيهاً عن التعداد السابق الذى أجرى قبل عشر سنوات، حيث قدرت تكلفته بـ26 ألفاً و173 جنيهاً، تم إنفاق المبلغ، حسب بيان هيئة الإحصاء، على النحو التالى:20 ألف و878 جنيهاً رواتب للموظفين، و9 آلاف 166 ثمن تذاكر وإيجار ماكينات وراتب ميكانيكى، و3 آلاف و605 جنيهات مكافآت صيارف، و 945 ألفاً مصاريف مختلفة.