عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بهدوء

 

 

تمشى فى مدن مصر وقراها، عيناك لا تخطئان فى مشاهدة العمل المستمر للحكومة والسلطة فى مختلف مجالات العمران، فى المدن الكبرى والصغرى، وفى القرى، إنجازات متصلة كل يوم تحسب للقيادة والحكومة، عمران وإنجازات لم ترها مصر فى تاريخها الحديث إلا فى الحقبة العلوية، ولا يعكر صفو هذه الإنجازات إلا حين تسمع أن عمارة قد مالت، فيطلع الرئيس ويقول لنا : هذا ما أنبهكم إليه يا مصريين، ثم تنهار عمارة مرة أخرى فى القاهرة، فتتخذ الدولة قرارًا بضرورة إعادة النظر فى قانون البناء وضبط تشريعات العمران للمحاسبة على كل من يخالف.

لكن الإهمال مسيطر، ويسود فى حياة المصريين، فتحدث ثلاث حوادث للقطارات فى شهرين، وننظر إلى المصريين يبكون ويولولون، وهم يحملون موتاهم من تلك الحوادث، ويجلس بعض المصريين أمام فضاء الانترنت ليحملوا الحكومة والوزير نتائج إهمال بعض العاملين فى قطاع السكة الحديد، وكأن الوزير لا يسابق الزمن من أجل تطوير القطاع المتهالك، ويحاول تحقيق الانجازات الواضحة فى قطاعى الطرق والنقل، وكأن العاملين أبرياء ولا يتحملون نتائج إهمالهم فى عملهم، وعدم الالتزام فى أداء العمل.

إذن نحن أمام شعب يريد الوظيفة الميرى التى لا يفصل منها، ويقولون (لو فاتك الميرى اتمرغ فى ترابه) فتراكم الموظفين فى كل مؤسسات الدولة، وما يعمله موظف واحد يجلس ستة موظفين ليؤدوا العمل، وليتهم يؤدونه بطريقة جيدة، فيطلب الموظفون حقوقًا ولا يؤدون واجبات، وغابت قوانين المحاسبة فى مؤسسات الدولة الحكومية، فأصبحت البيروقراطية المصرية معيقة لنهضة وتقدم الدولة، فالشعب يُحمل ماما الدولة كل شيء، والحكومة فى الدولة تحمل الموظفين والعاملين فيها المصائب التى تشوه أداءها وتنال منه.

ما السبيل إلى الخروج من هذا الوضع المتشابك فى علاقة الشعب بالحكومة والعكس؟ تستطيع الحكومة ضبط هذه العلاقة من خلال ضبط التشريع الحاكم للوظيفة العامة، وأن يقوم على ترسيخ المسئولية والمحاسبة، والثواب والعقاب، بناء على الإخلاص فى العمل، وضبط آليات معاقبة الإهمال وخاصة فيما يتعلق بأرواح الناس، وإهدار المال العام، ومجابهة الفساد فى مؤسسات الدولة، وضرورة التعامل بشفافية مع المال العام.

وإذا كان التشريع مهمًا فلا ينبغى أن يكون التشريع مثقوبًا لحالات الاستثناء؛ لأن القوانين المصرية دائما ما تكون مثقوبة بالاستثناء، ومع الوقت يتحول الاستثناء إلى أصل، وتكون القاعدة العامة استثناء، فمن المهم بالنسبة للسلطة والحكومة أن تجرى إصلاحًا إداريًّا شاملًا، يضع فى الاعتبار بناء أنظمة إدارية منضبطة فى الدولة المصرية ترتكن إلى رؤية تفعل مبدأ تقديس العمل، والحفاظ على المال العام، وتجريم الفساد والهدر، فمشكلة الإدارة فى مصر هى أس المشاكل فى القطاع الحكومى بالذات، وكذلك الحال فى الشركات الحكومية وقطاع الأعمال التى ترهلت، وتحقق خسائر بالمليارات بسبب سوء الإدارة وغياب المسئولية والمحاسبة، وحين تأتى الحكومة لتصفى الشركات بعد خسائرها العديدة، نجد العمال يتظاهرون، ولا شك أن سوء الإدارة هو السبب الرئيسى فى هذا الأمر، فى حين نجد أن القطاع الخاص تجاوز سوء الإدارة، ويتسم بالانضباط والصرامة لأنه يقوم على المسئولية والمحاسبة.

وحين يكون لدينا نظام إدارى منضبط سوف يندمج فيه الأفراد لأنه نظام صارم يعتمد على التدريب المستمر للأفراد العاملين، وتنمية مهاراتهم باستمرار، وبدون هذا النظام القائم على الإصلاح والانضباط الإدارى سوف يستمر الهدر فى الأرواح والأموال، وسوف تتهدد منظومة العمران الجديد التى تبنيها الدولة بالمليارات.

لابد من وقفة قوية تحدد مسئولية الحكومة والسلطة الحاكمة من حيث الحقوق والواجبات والالتزامات، وحقوق وواجبات الأفراد العاملين، وحقوق وواجبات الشعب، وأن يتعرض الجميع للمسئولية والمحاسبة، على أساس قاعدة تطبيق القانون على الجميع بدون استثناء، وبدون تشريعات مثقوبة، وأن يشعر الجميع أنهم جميعًا أمام القانون سواسية، فالعدل أساس الملك.