رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

أوراق مسافره

 

حين ضربها بعد خلاف فقد فيه أعصابه، ورغم أنه لم يحدث بها عاهة ولا تشويهًا، حكمت عليه المحكمة بالسجن بضعة أشهر، وألا يقترب من بيتها بضعة كيلو مترات بعد خروجه من السجن، وأن يرى أطفاله تحت رعاية قانونية وفى حضور محامى الزوجة، لأنه لم يعد فى نظر القانون صالحًا لرعاية أطفاله وهو يعنف أمهم بالضرب، ويتم نقل السيدة المعنفة إلى مكان سرى تابع لمراكز الرعاية الاجتماعية – وهى تجربة حاولت مصر تقليدها من الهامش – مكان يكفل لها الحماية والرعاية الاجتماعية الراقية، بل ويتم إخضاعها لعلاج نفسى وتأهيل، حتى تتعافى نفسيًّا من الآثار السلبية للعنف الذى تعرضت له.

إنها قصة نقرأها فى صحف أجنبية، أو وكالات أنباء، حول بعض أحداث العنف ضد المرأة فى بلدان غربية، وعلينا أن نعترف بشجاعة، أن تلك القوانين الرادعة فى الغرب لمعاقبة أى رجل يرتكب العنف ضد أنثى سواء زوجة، صديقة، ابنة، أو أى أنثى بصفة عامة، إنما أدت إلى تراجع أحداث العنف الأسرى فى تلك البلدان، والتى لا يدين معظمها بأى ديانة، حتى إن كانوا يدينون اسمًا، فهم لا يمارسون طقوس الدين مثلنا فى مصر، أو فى العالم العربى عامة، والذى ترتكب به كل أعمال العنف الممنهج والبشع ضد الأنثى ، والقائم على « اكسر للبنت ضلع يطلع لها اربعين» للأسف، هذا ما تمت تربية الذكور عليه فى عوالمنا المتدينة.

على أساس أن الأنثى كائن غير آدمى، لا يشعر بالألم لا الجسدى ولا النفسى، كائن خلق لإسعاد الرجل وإمتاعه وخدمته فقط، وإمتاع أمراضه النفسية التى قد يصاب بها بعضهم، من هوس وجنون وجنوح للعنف والتعذيب والتسيد والطغيان، دون وجه حق تحت مسمى « أنا راجل»، دون أن يدرك أى مفرد للرجولة الحقيقية المقصودة، الرجولة مسئولية، حماية للمرأة والأسرة، احتواء، قوامة، عقل، حكمة، وسند.

أعتذر لكل المتدينين عن حق، مسلمين ومسيحيين، من يفهمون جوهر الدين، الدين معاملة وليس طقوسًا وقشورًا براقة، أوصت كل الأديان السماوية بالمرأة، وبحقوقها، وجاء الإسلام خاتم الأديان ليحفظ كيان المرأة ويصون حقوقها كاملة ويكرمها، وينهى عهد استعبادها...استرقاقها، عهد الجوارى، فإذا بنا فى القرن الواحد والعشرين، نعود بمعاملة المرأة على ارض الواقع إلى عهود الجهل والظلام، رغم المؤتمرات والمنتديات والأضواء البراقة المسلطة على حقوق المرأة وتمكينها فى المجتمع و...و... فى غيبة من الوعى المجتمعى، وغيبة دور رجال الدين فى التوعية بحقوق المرأة، وغيبة الإعلام المشغول بقضايا غريبة، وقبل كل هذا غيبة التربية والأخلاق داخل الأسرة، وتشويه الفن بأعمال درامية وسينمائية تبرز وتثمن العنف ضد المرأة، وتظهرها بصور « بشعة »، غانية، راقصة، خائنة، و«شوباش».

هؤلاء الذكور ولن أسميهم رجالًا، الذكور الذين يمارسون أى نوع من العنف ضد الأنثى سواء جسديًّ أم معنويًّا، بما فيها استحلال أموال النساء، تمت تربيتهم بصورة خاطئة، من أم غير سوية ومغلوبة على أمرها، ومن أب قاسٍ أنانى، وجدوه يعنف أمهم ويهينها، ويستلب حقوقها الآدمية، فنشأوا على ما شاهدوه، وأسهم انتشار المخدرات بكل أنواعها ومستجداتها، وبصورة لا يجب علينا إنكارها أو تجاهلها، فى تزايد هذا العنف الأسرى من قبل الذكور، وصرنا نقرأ فى الأخبار اليومية جرائم عن : شاب يقتل زوجته بسبب إدمانه المخدرات، وآخر تخلص من أمه أو جدته بمساعدة صديقه المدمن، وسائق يغتصب طفلته التى لم تتعد بعد الثلاث سنوات تحت تأثير المخدر، وغيرها مما يشيب له الولدان.

ولنا أن نرصد الإحصائيات الرسمية والتى تؤكد وجود ارتباط وثيق بين المخدرات والجرائم عامة والعنف الأسرى خاصة، مما يجعلهما وجهين لعملة واحدة، وهو ما أكدته دراسة لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان فى مصر، ودراسة أجريت على نزلاء المؤسسة العقابية بالمرج، وكشفت أن 86% من مرتكبى جرائم الاغتصاب، و58% من مرتكبى جرائم هتك العرض كانوا يتعاطون مخدر الحشيش، و23.7% من مرتكبى جرائم القتل العمد كانوا يتعاطون مخدر الحشيش، كما تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن 87% من الجرائم غير المبررة كان المحرك الأساسى لها تعاطى المواد المخدرة...

ولحديث المواجهة من أجل مجتمع أفضل بقية...

 

[email protected]