رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

 

 

 

الدماء تسيل من جديد على قضبان السكة الحديد، وقوع ثلاث حوادث قطارات خطيرة فى أقل من شهر بثلاث محافظات، هى سوهاج والشرقية والقليوبية يؤكد أن هناك لغزاً وشيئًا غامضًا يحتاج إلى توضيح، وأن مرفق السكة الحديد يواجه أزمة حقيقية تتطلب إعادة النظر فى المنظومة بالكامل، وفى البنية التحتية للهيئة، وفى العنصر البشرى الذى يتقدم قائمة الاتهام فى وقوع هذه الحوادث المروعة التى خلفت العديد من الضحايا والمصابين، إن استقالة رئيس هيئة السكة الحديد أو حتى استقالة وزير النقل ليست هى الحل للأزمة التى تواجهها السكة الحديد التى تعتبر أهم مرفق نقل للملايين من المواطنين بين مختلف المحافظات، وربط الصعيد بالوجه البحرى، مما يؤكد أهميته للأمن القومى. وكنت أود أن تدعو لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب برئاسة النائب المخضرم علاء عابد إلى اجتماع يحمل الصفة الرقابية داخل اللجنة بعد صدور تقرير النيابة العامة المهم الذى أشرف عليه بنفسه المستشار حمادة الصادى عن كارثة قطارى سوهاج بعد تحقيقيات دقيقة أجراها فريق من النيابة العامة فى موقع الحادث وسؤال كافة الأطراف المتعلقة به، لقد كشف تقرير النيابة عن كارثة فى هيئة السكة الحديد بعد أن تبين أن تعاطى الحشيش وضرب الترامادول والكذب والتزوير والتزييف واللامبالاة وعدم الشعور بالمسئولية والاستهتار بأرواح المواطنين، وعدم احترام الوظيفة عوامل كانت وراء الدماء البريئة التى سالت على القضبان، كنت أتمنى أن تواجه لجنة النقل والمواصلات البرلمانية رئيس هيئة السكة الحديد ومعاونيه بهذه المعلومات الخطيرة التى وردت فى تقرير النيابة العامة، وأن تقتصر المواجهة على المساءلة السياسية دون الخوض فى الشق الجنائى الذى يعتبر من حق النيابة العامة وسلطة القضاء، فى إطار احترام مبدأ الفصل بين السلطات، فالفصل بين حق النيابة فى التحقيق الجنائى وحق البرلمان فى التحقيق السياسى يتوافر فى هذه المسألة، ويحق لكل جهة السير فى إجراءاتها إجلاء للحقيقة، ومحاسبة المقصرين والمستهترين، ووضع توصيات ملزمة للتنفيذ لوقف نزيف الدماء البريئة على قضبان السكة الحديد، وكأن الناجين من فيروس كورونا يتربص بهم فيروس الإهمال فى القطارات.

والسؤال الذى كنت أود أن يجيب عنه رئيس هيئة السكة الحديد فى حضور نواب لجنة النقل والمواصلات وهيئة مكتبى لجنتى الصحة والأمن القومى هو متعلق بالإجراءات التى اتخذتها هيئة السكة الحديد بعد أن كشفت تحقيقات النيابة عن أن بعض السائقين ومساعديهم يتعاطون المواد المخدرة ويعرضون حياة الركاب للخطر، هل سارعت الهيئة فى تطبيق إجراء سريع وعاجل لإجراء تحليل مخدرات للعاملين بالسكة الحديد، وفى مقدمتهم السائقون ومساعدوهم ومراقبو الأبراج، لا يمكن السماح بتحول السكة الحديد إلى مملكة للحشاشين وتعريض حياة الناس للخطر، هل تحدث رئيس الهيئة مع النقابة العامة لهيئة الكسة الحديد لعقد دورات توعوية وتدريبية للسائقين والفنيين؟ هل راجعت الهيئة ملفات الجزاءات والسوابق للسائقين؟ هل هناك ملاحظات ومعلومات عن وجود عاملين بالهيئة ينتمون إلى تيارات متطرفة؟ أليس من المطلوب أن تزور اللجنة البرلمانية المختصة مركز تدريب السائقين بالسكة الحديد لتطلع على دوره فى تخريج سائقين مهرة يتعاملون مع ظروف الطريق ويأخذون القرار المناسب فى الوقت المناسب؟ مقبول أن يذهب النواب إلى موقع الحادث والالتقاء بالمسئولين والاطمئنان على المصابين وتخفيف آلام الحادث على أسر الضحايا، لكن هناك مسئولية سياسية لا يجب أن يتخلى عنها النواب فى شكل لجان برلمانية رقابية ولجان تقصى حقائق لوضع الحكومة أمام مسئوليتها السياسية، وأن يكون دور البرلمان موازياً لدور النيابة التى تتولى الشق الجنائى وليس متعارضاً معه، أن يكمل الاثنان بعضهما، إذا كان الحادث يتطلب إقالة المسئول فليذهب ويأتى غيره، وإذا كان يتطلب علاجاً فليتم وصفه وتطبيقه فى إطار من التعاون وكشف الحقائق والملابسات.

لا نريد أن نعلق المشانق لأحد ولكن لا يجوز أن يبقى مسئول مهمل فى موقعه، ولا سائق حشاش يقود القطار بركابه إلى الهاوية، ولا عامل مستهتر يعرض أرواح المواطنين للخطر، معلوم أن السكة الحديد واجهت سنوات من الإهمال والفساد وسوء الإدارة، وظلت فترات طويلة تدار بعقليات الخمسينيات، وفى كل حادث نجد أن العنصر البشرى هو العامل الأساسى فى وقوعه، وفى كل مرة نجد المبررات واحدة، وما تكاد تتوقف الدماء حتى نفاجأ بنزيف جديد رغم الإنفاق الكبير الذى وجهته الدولة لتطوير هذا المرفق، لكن الإصلاح، والوصول إلى درجة الأمان الكامل يحتاجان إلى وقت لأن السكة الحديد كان جسمًا ميتًا بلا روح، وبدأت تدب فيه الحياة من جديد بتوجيهات من القيادة السياسية بتطويره وتوفير كافة احتياجاته من جرارات وعربات حديثة، وتطوير الطريق، والإشارات والمزلقانات، لا يستطيع أحد منع الحوادث نهائياً، ولكن هناك حوادث تستطيع منعها إذا كان الاستهتار والاستهانة بأرواح البشر وراءها.

كل شيء وارد، رواد السوشيال ميديا يسوقون مبررات للحادث الأخير ويربطون بينه وبين تعاطف الشعب مع عملية فض رابعة كما جاءت فى حلقة مسلسل الاختيار، وبين غضب الشعب بعد وقوع الحادث، فهل هناك عبث بأمن القطارات لابد من السير وراء كل خيط للوصول إلى الخيط الأساسى للحادث وقطعه لتوفير الأمن للناس، وعودة الثقة للسكة الحديد. ورفع عصا العقاب فى وجه من تسول له نفسه تعريض الأمن القومى للخطر.