رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

يثير الموقف الأمريكى فى ظل إدارة الرئيس بايدن من أزمة سد النهضة الكثير من التساؤلات بشأن حقيقة الرؤية الأمريكية من القضية ككل بغض النظر عن الإدارة التى تحكم. ويفرض هذه التساؤلات تباين هذا الموقف بشكل كبير عن ذاك الذى بدا للكثيرين أن إدارة الرئيس السابق ترامب قد التزمته، الأمر الذى يفرض بدوره التساؤل حول ما إذا كان يمكن أن

يصل تباين إدارتين بشأن قضية حيوية مثل قضية مياه النيل لهذا الحد من الاختلاف؟ وهل يعنى ذلك غياب رؤية استراتيجية فى إدارة الشأن الأمريكى مع العالم الخارجي؟ أم أن التأمل فى طبيعة موقف إدارة ترامب بشكل كبير قد يشير إلى أنه لا يوجد اختلاف كبير وأنه إن وجد فهو فى التكتيك ليس إلا...؟

اسئلة كثيرة عززتها تصريحات الناطق باسم الخارجية الامريكية الأسبوع الجاري، فضلا عن نمط تعاطى إدارة بايدن بشكل عام مع القضية منذ توليها زمام الحكم.

وتبدو أهم ملامح الاختلاف بين الإدارتين فى عدة نقاط، على رأسها طبيعة التدخل الأمريكي، ففيما حرصت ادارة ترامب على الوساطة على نحو أقرب لتلك التى قامت بها ادارة كارتر فى كامب ديفيد وهى الوساطة التى تسعى للتوصل لحل بأى السبل، فإن إدارة بايدن تنأى بنفسها عن الأزمة وترى دورها كمجرد ميسر للعملية تاركة الدور الرئيسى للإتحاد الإفريقي، وهو ما يتوافق مع الرؤية الإثيوبية.

النقطة الثانية تتمثل فى تقييم مواقف أطراف الأزمة، حيث إنه فيما كانت إدارة ترامب تميل إلى إيلاء الاعتبار الأكبر لعدم المساس بحصة مصر من مياه النيل، بما يعنى ادانة غير مباشرة لموقف أديس أبابا، فإن مواقف ادارة بايدن تؤكد على الحياد، ما يمثل تحولا فى الموقف الأمريكى لغير صالح مصر.

أما ثالث النقاط فهى تلك المتعلقة بالمسارات المحتملة حال فشل المفاوضات، ورغم الطبيعة الفجة للرئيس ترامب إلا أنه خرج فيما بدا عفوية للكثيرين – وتحريضا حسب آخرين – يعرب عن دهشته من عدم قيام مصر بعمل ضد السد، فى الوقت الذى تؤكد فيه ادارة بايدن على أن طاولة المفاوضات هى الحل الوحيد للأزمة، وهو طرح بالغ الغرابة ويفتقد أبسط بديهيات التعامل مع النزاعات الدولية والتى تتعدد مساراتها على نحو ما أشرنا فى مقال سابق.

السؤال: ماذا لو تعارض مسار المفاوضات القائم على مبدأ رفض الإجراءات الأحادية وهو أمر أكدت عليه واشنطن مع قيام اثيوبيا بخطوة الملء الثاني؟ ما الخطوة التى تقوم بها مصر والسودان ردا على ذلك؟ وفق المنطق الأمريكى فإنه لا بد من مواصلة التفاوض! وهو طرح غير منطقى وتهرب منه الناطق باسم الخارجية برفض الحديث عن افتراضات مستقبلية.

الرد المنطقى على الطرح الأمريكى هو، ماذا: لو أصرت إيران على رفع معدلات تخصيب اليورانيوم إلى الحد الذى يسمح لها باستخدامه فى أعمال عسكرية؟ هل يكون الحل الوحيد مع طهران من منظور أمريكى هو المفاوضات؟ الغريب أن الرد جاء مبكرا من خلال قيام إسرائيل بعملية تخريبية لمفاعل نطنز فى خطوة استباقية تستهدف تقويض جهود إيران لصنع قنبلة نووية؟ وإذا كان ذلك يدخل كإجراء وقائى فى إطار الأمن القومى الإمريكى والإسرائيلى رغم اختلافنا مع هذا الطرح فمن الغريب أن تسعى إدارة بايدن لتقييد التحرك المصرى فى قضية وجودية.

هل يعزز ذلك فرضيات نظرية المؤامرة التى تؤكد على أن السد – بغض النظر عن زمان تنفيذه- فكرة أمريكية فى الأساس تعددت محاولات تطبيقها – لتقويض مصر وشغلها وجعلها رهينة الحصول على مصدرها الرئيسى للحياة؟ وهل يعنى ذلك أن مواقف ادارة ترامب على ما بدا منها من تجاوب مع الرؤية المصرية كانت تصب فى ذات الاتجاه؟ أم أنها كانت استثناء باعتبار أن طبيعة فترة ترامب كلها كانت استثنائية فى التاريخ الأمريكي؟

فى كل الأحوال، فإن هذه الاعتبارات فى بال المفاوض المصرى والذى من المؤكد أنه لن يتهاون فى حقوقنا مسايرة لموقف هذا الطرف أو ذاك.

[email protected]