رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

 

لا تنسى الدول الناضجة أبطالها، ولا تُنكر الأمم الراشدة أفضال بنيها المُجتهدين. تُكرمهم، وتُخلدهم، وتُعدد حسناتهم. تُذكرهم وتُشيد بخصالهم وتعترف بما قدموه، وتُحييهم ذكرا بعد موتهم، فكما يقول الشاعر أحمد شوقى «فالذكر للإنسانِ عُمر ثانِ.»

من هنا، فقد سعدت بلفتة رئيس الدولة المصرية إلى مجهول يعرفه ويعرف فضله عندما أعلن قبل أيام عن مدينة الدواء الجديدة. ذكر الرجل أن الاعتراف بالفضل يدفعه للإشارة إلى جندى مجهول فى المشروع العصرى، وهو اللواء صلاح الشاذلى الضابط بالمعاش الذى رحل عن دنيانا قبل سنوات فى حادث سيارة. لقد وضع هذا الرجل أسس المشروع، بتعاون مثالى بين الحكومة والقطاع الخاص، ثُم لبى نداء ربه، ولم يعرف أحد بما فعل أو قدم من دراسات، لكن الإنصاف دفع رئيس الجمهورية إلى تقديم الشكر للراحل، والدعوة لتخليد اسمه.

قبلها كان للدولة موقف مشابه فى تخليد اسم المذيعة صفاء حجازى على محطة «مترو الزمالك»، وهو ما دفع مُحبى الثرثرة للتجادل حول ماهية الدور الذى لعبته مُذيعة فى خدمة الوطن لتستحق اطلاق اسمها على محطة عامة. لكن الحقيقة كشفت أن هذه الإعلامية كان لها دور مجهول فى تحدى سلطة الإخوان خلال سنة حكمهم، وأدت دورا فى مساندة الشعب المصرى فى 30 يونيو، وهو ما ظل مجهولا حتى وفاتها، فلم يُعرف دورها إلا من خلال اطلاق اسمها على المحطة.

وهذا النبل يؤكد أن مصر لا تنسى جنودها الباسلين فى كل موقع، وأن الدولة المصرية تعى جيدا فكرة رد الجميل.

 إن لم تُكرم الدولة المصرية رجلا غير معروف للعامة، لا يحوز منصبا، تجاوز السبعين من عمره عندما تعهد بإتمام كافة دراسات مشروع مدينة الدواء، وعمل بنبل ولم يطلب مكافأة، ثُم عاد لمولاه فى حادث سيارة مفاجىء، فمن تُكرم ؟ وإن لم تُخلد الحكومة سيدة إعلامية، خدمت الوطن فى صمت، ودون تباه، أو تفضل أو اختيال، ثُم رحلت فى صمت، فمن تُخلِّد؟

تُعجبنى الفكرة وأتمنى لو فتحنا بابا لرد الجميل لوطنيين عظماء قدموا للبلاد خيرات واسعة، تناستهم الأقلام، واختفوا فى الظلال.

 ما يمنعنا أن نقول لأناس اختاروا الوطن وقدموه على كل شىء شكرا من الأعماق؟ ما يثنينا أن ننحنى لهم امتنانا وتقديرا لما فعلوا؟

إننا يُمكن أن نمد الخط يمينا ويسارا لنعيد التذكير بأسماء عظيمة أحسنت، ونُسيت، فصارت مثل الجندى المجهول الذى استشهد، ولم تعرف وقائع استشهاده فسجل فى عداد المفقودين.

 أتجاوز السنوات الأخيرة لأضيف لسجلات المنسيين أسماء عديدة فى الحقل العسكرى وفى غيره فى مجالات الطب، العلوم، الفكر، والآداب، والفنون، والإبداع.

 كثيرون كثيرون صنعوا البهجة ورسموا الجمال ونفعوا المصريين، لكن طواهم النسيان.

أذكرهم بخير وأتمنى أن يتذكر الوطن حكايات وسير رجال من عينة محمد عبد العاطى، صالح عطية، مصطفى حافظ، عبد القادر طه، محمد فوزى البرقوقى، محمد نسيم، عبد القادر حلمى، محمد مشالى، محمد السوربونى، عبد المتعال الصعيدى، وغيرهم..

أؤمن بقدر الله، يُعيد إحياء الموتى، يُذكر التاريخ بما فعلوا، ويدعونا للوفاء لكل مُحسن فى كل مجال.

والله أعلم.

 

mailto:[email protected]