عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

من المعروف أن عماد تقدم الأمم، هو شعبها رجالًا ونساء، فإذا انهار الشعب، انهارت معه أعمدة الدولة. ومع الأسف الشديد، فقد أصيب شعبنا فى السنوات الماضية بأمراض عديدة جعلته إنسانًا كسولًا ومتواكلًا، والفساد يسود فى أغلبيته. هذه الأمراض الاجتماعية جعلتنا نتخلف كثيرًا عن ركب الحضارة، خاصة أن مصر فى فترة من الزمن خسرت كل مجهود رجالها فى الحرب، مما اضطرنا إلى إعادة بناء قواتنا المسلحة مرة اخرى، حتى كتب لنا نصر أكتوبر.

أقول هذا بسبب الأحداث المؤسفة التى وقعت فى الأيام القليلة الماضية، سواء من ناحية حادث قطار الصعيد، أم شحوط المركب فى قناة السويس، أم انهيار العمارات الحديثة، أم حوادث الطرق. كل هذه الحوادث المفجعة- فى تقديري- مرجعها الخطأ البشرى ممثلًا فى اللامبالاة، والإهمال، والتسيب، والفساد. لقد كتبت مرارًا عن ضرورة إعادة بناء الإنسان، حتى يصبح صالحًا لنفسه وبلده، فبدون الإنسان الصالح لا أمل فى أن تعود مصر كما كانت فى عهودها الأولى، أملنا أن تعود مصر كما كانت أم الدنيا برجالها المخلصين ونسائها الأوفياء.

فعلى سبيل المثال، إذا نظرنا إلى حادثة قطار الصعيد بمدينة سوهاج، فمرجع تلك الفاجعة فى تقديرى هو الخطأ البشرى. فرغم أن التحقيقات لم تنته ولم تظهر الحقيقة، فإنه بالاستماع إلى تصريحات السيد وزير النقل، فقد ذكر سيادته أن إدارة السكك الحديدة نبهت القطار القادم من القاهرة إلى أسوان -أكثر من مرة- بما امامه من مخاطر، عن طريق الاتصال بقائد القطار ومساعده- وهذا الكلام مسجل بوسائل الاتصال الخاصة بالقطار.. فإذا ثبت بتحقيقات النيابة العامة امتناع قائد القطار ومساعده عن الاستجابة لهذه التنبيهات، فسوف يتأكد أن الخطأ البشرى ممثلًا فى إهمال قائد القطار ومساعده، هو السبب وراء مثل هذه الحادثة المفجعة.

أما عن الكارثة الثانية الخاصة بشحوط الباخرة البنمية فى قناة السويس، فنحمد الله عز وجل الذى وقف مع رجالنا حتى استطاعوا أخيرًا سحبها من القناة وعودة الممر الملاحى مرة أخرى إلى حالته الطبيعية. هذه الكارثة- مع الأسف الشديد- أصابت مصر فى سمعتها فى إدارة القناة، كما أن السفينة التى تصادف مرورها فى هذا التوقيت قد أصيبت هى الأخرى بأضرار بالغة نتيجة طول انتظار عبور القناة. ولست أدرى إذا كانت مصر قد تتحمل أى تعويضات عن هذه الحادثة. ولكن نحمد الله عز وجل أن كلل جهود رجال القناة حتى تمكنوا من إعادة الممر الملاحى لطبيعته.

أما عن سقوط العمارات الحديثة، فسبب هذه الحوادث معروف لنا جميعًا، وهو فساد الإدارات المحلية، إذ إنه كيف تقام عمارة من عشرة أدوار، بل ربما أكثر، رغم أن الترخيص الصادر لها من ثلاثة أدوار فقط، من المسئول عن غط الطرف عن مثل هذا الفساد؟ لماذا كل هذا الكم الهائل من مخالفات البناء؟ فى تقديرى، أن هذا الكم الضخم من المخالفات يعود فى الأساس إلى إهمال الإدارات المحلية بالأحياء، بالإضافة إلى جشع بعض ملاك العقارات من الذين يرغبون فى الحصول على أى مكاسب مادية، حتى ولو كان ذلك على حساب دماء المصريين. إذن، فإن الخطأ البشرى ممثلًا فى الفساد والإهمال واللامبالاة، هو السبب وراء مثل هذه الحوادث الموجعة.

أما عن حوادث الطرق فهى فى الأساس ترجع للإهمال والرعونة من قائدى السيارات، سواء نتيجة تغيب العقل عن البعض منهم بسبب تعاطى المخدرات أو تناول المسكرات وكلتا الحالتين يظهران الخطأ البشرى، وأما بسبب الإهمال الجسيم من سائقى السيارات نتيجة السرعة الجنونية فى القيادة دون اكتراث لأرواح الناس، وبالتالى فإن مثل هذه الحوادث يعود بالدرجة الأولى للخطأ البشرى نتيجة الإهمال واللامبالاة وعدم الاكتراث بالأرواح.

أعود فأقول.. إن بناء مصر يحتاج منا فى الأساس، إعادة بناء الإنسان المصرى، فالإنسان هو عماد تقدم الأمم، وبدون الإنسان الصالح لا أمل ولا رجاء. وفى تقديرى، أن بناء الإنسان المصرى يبدأ من التعليم الأساسى بالمدرسة. وبالتالى، لابد أن نختار المدرس الكفء حتى يكون القدوة الحسنة للنشء الصغير، يزرع فيهم حب الوطن، والاعتماد على النفس، والعمل الجاد، والنظافة، والقيم، والأخلاق، فيكونون فى المستقبل محبين لوطنهم نافعين لأنفسهم وبلدهم.

وتحيا مصر.