رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

غيب الموت الدكتورة نوال السعداوى يوم عيد الأم (21 مارس 2021) بعد حياة حافلة بالنضال من أجل قضايا آمنت بها ودافعت عنها ودفعت راضية وفخورة ثمن مواقفها التى لم تتاجر بها يومًا.. التقيت الدكتورة نوال السعداوى مرة واحدة منتصف الثمانينيات، ولم أنقطع عن متابعة إنتاجها العلمى والأدبى والفكرى من مؤلفات تجاوزت الأربعين كتابًا، ترجم بعضها للغات عالمية متعددة.. وخلال رحلة حياتها التى امتدت لـ90 عامًا تم تكريمها عالميًا بجائزة الشمال والجنوب من المجلس الأوروبى عام 2004، ثم جائزة اينانا الدولية من بلجيكا عام 2005، وفى عام 2011 حصلت على جائزة ستيغ داغيرمان من السويد.. ومحليًا تم تكريم الدكتورة نوال السعداوى – على الطريقة المصرية - بسجنها ثلاثة أشهر فى عهد الرئيس الأسبق أنور السادات (1981) ويوم خروجها من السجن قالت «لا يوجد ما هو أخطر من الحقيقة فى عالم مملوء بالكذب».. وفى عام 2008 رفضت محكمة القضاء الادارى بمجلس الدولة إسقاط الجنسية المصرية عنها، فى دعوى رفعها ضدها أحد سماسرة المحاماة.. كثير من التعليقات على الفيس بوك فور اعلان خبر وفاة الدكتورة نوال السعداوى تظهر بوضوح تغلغل العروق الفاسدة والعفنة بأعماق تربة الشخصية المصرية، وتؤكد الظاهرة لأى باحث جاد أن وباء جماعة الإخوان المسلمين قد يكون الأخطر على مصر السياسية، ولكنه ليس الأشد خطورة على مصر المجتمع والثقافة والحضارة وروح العصر.

الثابت أن شريحة كبيرة من المصريين عقولهم لا تتجاوز نصفهم الأسفل، والدين عندهم دراما جنسية سوداء كل ابطالها مشوهون وأعداء طبيعيون لأبسط مفاهيم الحرية..

لم يصدمنى كثيرًا تعليقات بعض المنتمين لمجالات ثقافية وأكاديمية وإعلامية والتى عبر أصحابها عن غبطتهم بموت السعداوى، وإظهار يقينهم بأنها الآن حطب لنار جهنم.. لم يعد الأمر جديدا ولا صادما لأن التدين الشكلى ومنذ قرون بعيدة استطاع تحويل الملايين لمدمنين لأفكار زائفة وبالية وغبية، تخدرهم وتعوضهم عن إحباطاتهم الشخصية، وفشلهم فى بناء أى قصة حب حقيقية مع الحياة.. أنا لست فى موضع الدفاع عن الدكتورة نوال السعداوى، وهى ليست بحاجة للدفاع عنها حتى بعد موتها، لأنها من القلائل اللاتى منحهن الله إرادة حديدية فى الايمان بما يعتقدن به من أفكار، ولم تضعف عزيمتها يوما، ولم تتنازل عن مبدأ رفعته أو موقف دافعت عنه، ويكفى أن أعداء الحياة والحرية لم يتجرءوا على الخروج من كهوف هلاوسهم إلا بعد تأكدهم من انتقالها إلى العالم الآخر.

ومثل نوال السعداوى تظل قيمتها فى قدرتها على هز مجتمع قديم مترهل الفكر، وخامل العاطفة وشديد الاستسلام للأحكام المسبقة والأفكار الجاهزة والتى تعفنت من طول زمن تعليبها داخل مقابر العقول.. أفكار يسترجعها المخدرون من معدة التاريخ، وبدلا من لفظها يعيدون ابتلاعها ويتكرر فعلهم كل يوم.. لو كنت مكان الدولة المصرية وفى ظرفها الراهن المختلط فيه الأمل بالخوف لاحتفلت واحتفيت بنوال السعداوى، ولسارع القائمون على الشأن الاعلامى بانتاج العديد من المواد عن قيمة وفضيلة التفكير الحر، وكيف أن الأديان نفسها ما كان لها أن تنتشر وتغير لولا أنها بدأت بصدمة الواقع بفكر جديد كان يعد لحظة ظهوره كفرا بالواقع الدينى السائد.. وبعقلية الشامتين والموتورين والمهووسين بالترهيب من جهنم التى يعرفونها، فإن كل الأنبياء والرسل كانوا زنادقة لأنهم صدموا مجتمعاتهم بأفكار وعقائد خارجة عن الملة وقتها..

رحم الله الدكتورة نوال السعداوى، ورحمنا جميعا من وكلاء الجنة والنار والمتحدثين بنطاعة باسم الآلهة والمصابين بعقدة نوال السعداوى.