عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بهدوء

 

إن تولى أى إنسان لمنصب فى قيادة الشعوب أو غيرها من قيادات الدولة، له متطلباته التى يجب على الشخص أن يتعلمها، ومن هذه المتطلبات معرفته بفنون الاتيكيت، وقواعد البروتوكولات، وكيفية التعامل، وكيفية تناول الطعام، وكيفية التحدث، مثل هذه المتطلبات تبدو بسيطة فى تعلمها على من يتصدى لمنصب القيادة، ولكن هناك أنواع من القيادة ما يستلزم معرفة فنون الخطابة والبلاغة، إذ كيف يمكن للقائد أن يتحدث إلى الجماهير، وكيف يمكن للقائد أن يقود جنوده، وكيف يسوسهم بالكلمة، فالكلمة البليغة هى التى تطوع الناس، وتقودهم بأيسر ما يكون، لأن القيادة القوية تدرك أهمية البلاغة والخطابة فى قيادة الناس، فقد علم أرسطو القائد العظيم الإسكندر الأكبر فن الخطابة وفنون البلاغة ليعرف كيف يسوس الشعب، ويقود الجنود ويحشدها، فكان قائدًا عظيمًا فى التاريخ الإنسانى، كذلك كان الأمبراطور الرومانى ماركوس أورليوس يفيض بالحكمة والخطابة والبلاغة مؤثرًا فى وجدان إمبراطورية عريقة.

إن الخطابة البليغة هى إحد أدوات صناعة كاريزما القائد، ولذا من الضرورى على القائد تعلم فنون الخطابة والبلاغة لأنها أداة صناعة التأثير فى الجماهير، وتوجيههم حيث يريد، ولقد صنعت الخطابة زعامة مصطفى كامل، وكان جمال عبدالناصر خير من عبر عن صورة القائد صاحب الكاريزما، فخطاباته البليغة هى أداته لبث الروح فى الجماهير، يحشدهم بكلمة، ويوجههم بكلمة، ويوحدهم خلفه بكلمة، فكاريزما القائد يصنعها الخطاب البليغ، وهنا اكتسب الخطابة والبلاغة قيمتها فى صناعة القيادة.

ولابد أن يعرف القائد صدى كل كلمة تخرج من لسانه على نفوس الجماهير، وتأثيرها على الناس الذين يوجه لهم الخطاب سلبًا كان أم إيجابًا، تفاعلًا أم إحباطًا، ذلك لأن للجماهير ذاكرة، وحين تنسى تذكرها تسجيلات اليوتيوب الآن، فليس عيبًا على القائد الناجح أن يتعلم فنون الخطابة. ولنذكر مرة حين كانت الجماهير فى كل ميادين مصر مشتعلة ضد حسنى مبارك ونظامه، فخرج علينا ليقول: «أريد أن أموت على أرض هذا الوطن» كادت هذه الجملة أن تنزع فتيل الثورة، فعاد الناس إلى بيوتهم، ولولا ما حدث بعد ذلك، لكانت هذه الجملة هدأت من روع شعب.

وفى ثورة30 يونيو، كان للرئيس السيسى جملة بليغة يوم 3 يوليو قالها: «إن الشعب لم يجد من يحنو عليه» جملة أشعلت روح الجماهير فى خطاب تاريخى. جملة أسهمت فى تفويض الشعب للرئيس.

وإذ أدلل بنماذج من الخطابة البليغة ودورها فى صناعة صورة القائد، وتشكيل فاعليته، من منطلق تأثير الخطابة البليغة فى فاعلية القيادة، خاصة القيادات التى لها خطاب متصل بالجماهير، وقد تصنع الخطابة البليغة من خطيب جامع أو رجل دين قائدًا له سلطة مؤثرة على قيادة النفوس والأرواح وتوجيهها سلطة قد لا يملكها رجل السياسة على الناس، ذلك لأن للكلمة سحر على النفوس، وعلى سياسة الأجساد.

لا يكفى فى للقائد أن يكون بناءً فى الفعل والممارسة، بل لابد أن يعى القائد خطورة قيادة الجمهور بالكلمة، فالكلمة الخطأ فى موضع الإثارة تزيد فى اشعال الجماهير المثارة، والكلمة الهادئة تمتص إثارة الجماهير، كما أن القائد المتميز يعى الاختلاف بين الخطابات الموجهة وفقًا لطبيعة الجمهور المتلقى، فخطابه للجمهور غير خطابه للنخبة، ومن الضرورى تنوع الخطابة وفقًا لطبيعة المشهد واللحظة.

وحين يعجز القائد عن صياغة الخطاب البليغ والمؤثر يستعين بالأقلام التى تصيغه، لأن الكلمة مدخل النفوس، والكلمة تسوس البشر قبل القانون والعصا، وخطاب العامة والجمهور شديد الأهمية فى صناعة صورة إيجابية للقائد، فقيادة الجمهور فن مفتاحه دومًا هو الخطابة البليغة، التى توصل الرسالة للمتلقى بصورة مؤثرة وفاعلة، ولقد كان بوست الرئيس السيسى على صفحته عن حل مشكلة السفينة العالقة بقناة السويس بليغًا حين قال: (لقد أثبت المصريون اليوم أنهم على قدر المسئولية دومًا، وأن القناة التى حفروها بأجسادهم وأرواحهم ودافعوا عن حق مصر فيها بأرواح آبائهم، ستظل شاهدًا على أن الإرادة المصرية ستمضى إلى حيث يقرر المصريون) بمثل هذه الكلمات يمكن أن يشحذ القائد شعبه خلفه.