رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عانت بلادنا لفترات طويلة من الفقر والتخلف الحضارى الذى ترك بصماته واضحة على معيشة المواطنين وثقافتهم ولم نفق مما نحن فيه إلا بقدوم الحملة الفرنسية منذ أكثر من قرنين حاملة معها لواء الحضارة الذى أبهرنا (من المدفع إلى المطبعة) بل قام علماؤها بفك طلاسم اللغة الهيروغليفية ومعرفة أسرار حضارتنا الفرعونية.

 ومن حينها اتجهت المجهودات إلى البحث عن اسباب التخلف للخروج منه، فالتخلف إن كان مشكلة فى حد ذاته إلا أن المشكلة الأكبر هى عجزنا عن الخروج منه رغم محاولاتنا المتكررة لذلك، ويثار التساؤل لماذا يتمركز التقدم الاجتماعى والرفاهيه الاقتصادية والإبداع التكنولوجى فى منطقتين فى عالمنا المعاصر، فى الشمال الغربى (أمريكا وغرب أوروبا) وفى دول شرق وجنوب شرق آسيا حيث معدلات نمو مرتفعة نقلت تلك الدول من مصاف الدول الفقيرة إلى مصاف الدول المتقدمة، فما هى العوامل التى جعلت النهضة ممكنة فى اقصى الغرب وأقصى الشرق ومستعصية على منطقتنا ومناطق أخرى بإفريقيا وجنوب ووسط آسيا وأمريكا اللاتينية فلماذا يكون الازدهار الاقتصادى الرأسمالى فى بعض البلاد أكثر منه فى بلاد أخرى، فهل الأمر يتعلق بطريقة إنتاج الثروة وفقاً لطريقة معينة (وفقاً لنمط الإنتاج الرأسمالى) وهى الطريقة التى أثبتت قدرتها على تعظيم غير مسبوق فى قدرة المجتمعات على مضاعفة ثروتها الاقتصادية فى فترة قصيرة نسبياً، وما مدى تأثير ثقافة المجتمع وقيمه الأخلاقية (خاصة الدينية) فى السلوك الاقتصادى لأفراده، فهل هناك ثقافات وقيم أخلاقية غير مواتية للتقدم، وهل الثقافة والأخلاق المصرية تعد محفزة للنهضة أم محبطة لها، فهل نحن فى حاجة إلى ثورة أخلاقية وتطوير ثقافى لمواكبة متطلبات الحضارة والتقدم، وهل قيم الفردية والعقلانية والالتزام والانضباط هى القيم المسئولة عن نجاح الرأسمالية فى دول الغرب التى تأخذ بالمذهب الفردى حيث الفرد مسئول عن أفعاله والنجاح هو محصلة لجهد الفرد وتدبيره العقلانى لأموره وإدارتها بانضباط وليس نتيجة لتدخل قوى خارجية تتحكم فى مصيره وتوجه سلوكه. 

وقد نجد فى تعثر النهضة المصرية دليلاً كافياً على التناقض القائم بين ثقافتنا من جهة والنهضة من جهة أخرى فالفردية ما زالت قيمة غريبة فى مجتمعنا رغم وجود الكثير من السلوكيات الفردية السلبية كالأنانية وحب الذات.. إلخ، فالفرد عندنا غير مؤهل ليصبح مسئولاً عن نفسه متحملا نتيجة أفعاله واختياراته، فينتظر من الأسرة أو العائلة أو الدولة توفير احتياجاته، والانضباط ليس من السمات المميزة لثقافتنا فنادراً ما تنعقد الاجتماعات فى موعدها أو تنفذ المشروعات وتسلم وفق جدولها الزمنى، فالأغلبية لا تلتزم بمواعيد بداية العمل أو نهايته، والإسراف عادة عندنا حيث يتباهى الأثرياء بنمط استهلاكى سفيه يجاريهم فيه أواسط الناس، وكذلك التواكل السائد فى مجتمعنا والمناقض للعقلانية، وكثرة الإنجاب رغم ضيق الحال هو سلوك تواكلى غير عقلانى، وقيادة السيارات بطريقة مخالفة لكل قواعد الأمان مع كثرة الدعاء بسلامة الوصول سلوك غير عقلانى، والإيمان بالخرافات والاعتقاد فى السحر والشعوذة لقضاء الحاجات دون العمل لتحقيقها، والارتكان إلى الكسل والسلبية واللا مبالاة رغم طموحاتنا وأمانينا غير المحدودة،

أما عن نهضة الشرق الأقصى فقد ارتبطت بقيم آسيوية تقوم على احترام العمل الجماعى وتقدير الترابط الاجتماعى، أما عن بلادنا فنجد البيئة الاجتماعية والثقافية عندنا تقاوم استيعاب القيم الغربية، فهل نحن على استعداد لتقبل القيم الآسيوية؟ أم أننا حالة فريدة علينا البحث عن نمط ثالث غير مسبوق من القيم المحفزة على التقدم.

 

مستشار رئيس الحزب للعلاقات العامة