رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

يمكنك أن تتوقع دون كثير اجتهاد أنه منذ اللحظة الحالية، بل وربما ما قبلها وحتى نهاية الصيف المقبل على الأقل سيكون الحديث عن أزمة سد النهضة هو الموضوع الأكثر سخونة وذلك رغم بعض المساعى، هنا فى مصر، التى تحرص على أن يظل الموضوع بمنأى عن الجدل الشعبى العام لما لذلك فى منظور هذا البعض من تأثير ربما يكون سلبيًا على أداء المفاوض المصرى، إن لم يكن الموقف الرسمى بشكل عام.

بغض النظر عن صحة هذه الرؤية من عدمها فذلك ليس محور هذا الحديث، فإن الأزمة دخلت فصلًا جديدًا من فصولها ربما يمكن وصفه بأنه صراع إرادات واضح، حيث يعلن كل طرف موقفه مؤكدًا أنه هو الموقف الذى يجب أن تنتهى إليه الأزمة.

يتخلص موقف القاهرة فيما أشار إليه وزير الرى المصرى منذ أيام فى أن مصر «لن تقبل الإجراءات الأحادية التى تتخذها إثيوبيا»، وهو ما يعنى رفض خطوة الملء الثانى التى تعتزمها إثيوبيا الصيف المقبل. فيما يتخلص موقف أديس أبابا فيما أكد عليه رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد منذ أيام فى أن الملء سيتم فى موعده وأن عدم تحقق هذه الخطوة سيكلف بلاده مليار دولار أمريكي!

أى محاولة لإلقاء نظرة عامة على مسار المفاوضات منذ بدئها على مدى السنوات العشر الماضية ستنتهى إلى أنه ما أشبه الليلة بالبارحة وأن كل طرف ربما لم يجدد فى أسلوبه وفى مواقفه فى التعاطى مع القضية.. فإثيوبيا تمارس أقصى أساليب التشدد والمراوغة للتهرب من الالتزام بأى موقف بشأن ملء وتشغيل السد، ومصر والسودان تمارسان أكثر الأساليب مرونة والمظهر الأكثر حدة فى التعبير عن رفض مواقف أديس أبابا هو تأكيد عدم القبول بفرض أمر واقع، دون تحديد آلية هذا الرفض وسبل تحويله إلى سياسات عملية تواجه الصلف الإثيوبي.

ومع كل التقدير لما ذهب إليه مصدر قائم على المفاوضات من أن الاجتهادات التى تصدر من قبل غير المفاوضين هى نصف حقيقة وتؤدى إلى خلاصات خاطئة فقط فإن الجماهير متعطشة إلى الاجتهادات التى تصدر من المفاوضين وتنتهى إلى خلاصات صحيحة! وإذا كنا نعترف بتعقد الموقف وأن هناك قيودًا عديدة على صانع القرار، إلا أنه يجب التأكيد على بديهة أنه حين يتعرض الأمن القومى للخطر فليس هناك قيود محلية أو إقليمية أو دولية. وربما يمثل هذا الحديث ردًا على ما ذهبت إليه شخصية مثل الدكتور مصطفى الفقى من أن قيام مصر بعملية عسكرية ضد سد النهضة أمر معقد جدًا فهى عملية لا بد أن تكون مدروسة دراسة تامة وتحظى بتأييد دولى والخط الأخضر من دول كبرى فى العالم. الواقع والممارسة العملية تشير إلى أن المجتمع الدولى لا يعطى موافقة معلنة للحرب أو العمل العسكري. السؤال الذى يلح على بال كثيرين هو: إذا كان خيار الصدام مستبعدًا، فما هى الخطوة التالية التى ستمثل ردًا على قيام أديس أبابا بالملء الثانى كما هو مزمع؟

يعزز طرح هذا التساؤل ما يراه الجميع أمامه رأى العين من إمعان إثيوبيا، وكما أشار وزير الرى المصرى خلاله لقائه أمس الأول الثلاثاء المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، فى المماطلة ومحاولات إهدار الوقت. ويمثل موقف أديس أبابا من مطلب السودان وساطة رباعية نموذجاً لذلك، حيث إنه فيما رفضت فى البداية هذا المطلب راحت استنزافًا للوقت تعلن على لسان المتحدث باسم الخارجية أن بلاده لم تتلق رسميًا اقتراح مصر والسودان بالوساطة الرباعية، وحرصا على إدخالنا فى دوامة من الجدل راح يشير إلى أن بلاده تفضل جهود الاتحاد الأفريقي!

أختم بما أشار إليه المصدر ذاته القائم على المفاوضات، الذى تمت الإشارة من قبل من أن الوضع الذى سيتحدد بالنسبة للسد– سواء من خلال اتفاقية أو أمر واقع– يفترض أن يدوم العمر كله، وهو ما يعنى أن مصر لا يمكن أن تقبل سوى بما يحفظ لها حقها فى المياه وبالتالى حق شعبها فى الحياة!

[email protected]