عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بهدوء

فى وعاء أى دولة قوية نخب حية فاعلة فى كافة مجالات الفنون والآداب والعلوم والثقافة والإعلام، وشتى المجالات، تمثل هذه النخب عقل الدولة الذى يشد قطار النهضة والتنمية، ولا يمكن لأى دولة قوية أن تنهض دون نخب قوية تتمتع بقدر من الحرية فى التفكير والإبداع والإنتاج، وهذا ما يوجد فى العالم المتقدم، فقد استطاعت الولايات المتحدة أن تجذب كل العلماء الألمان بعد نهاية الحرب العالمية الأولى والثانية، وقدمت لهم كل التيسيرات، ووضعت الولايات المتحدة الكثير من التشريعات التى تيسر جذب النخب من كل أرجاء العالم ليعيشوا، ويبدعوا، وينتجوا، فى ظل حياة كريمة، يتمتعون فيها بكامل الحرية على الارض الأمريكية.

وعلى الرغم من النظام الشمولى الذى حكم الاتحاد السوفيتى قديمًا وروسيا حديثًا فإنها قد يسرت للنخب حياة كريمة لأنهم يمثلون عقل الدولة فكان الأدب الروسى يقبع على قمة الآداب العالمية، وللعلماء مكانة خاصة هناك لأنهم قاطرة روسيا للنهضة والتقدم.

أما فى العالم الثالث المتخلف ومجتمعات الاستبداد فلا يدركون قيمة العقول، ولا يمنحونها التقدير الذى ينبغى أن يكون لها فيهرب الكثير من النخب إلى العالم الحر الذى يفتح ذراعيه لهم بالإمكانيات والدعم والحرية انتظارًا لتحصيل ثمار عقول هؤلاء العلماء المهاجرين.

لقد نبغ الكثير من المصريين فى الخارج حين توفرت لهم البيئة العلمية الجيدة والتقدير المادى المعقول، والحرية الكاملة، واحتل العديد من المصريين المناصب الرفيعة فى شتى جامعات أوربا وأمريكا ليضعوا خلاصة إنتاج عقولهم فى بلاد غير بلادهم لأن الوطن الحاضن كان وطنًا طاردًا لهم، ولم يوفر لهم لا البيئة العلمية الجيدة، ولا التقدير المادى المعقول، كما أن النخب الحية فى الجامعات والمراكز تحاصر وتضطهد من زملائهم.

كما أن السلطة فى البلاد المتخلفة تعتمد على نخب عاجزة فى كل المجالات، وعلى رأس كل المؤسسات، فقط لأن هذه النخب الضعيفة تطيع لا ولا تقول لا ولا يكون لها أى وجهة نظر فى المؤسسات التى يديرونها، وقد يتم إقصاء أى عقل حر ومبدع سواء عن الإدارة فى المؤسسات أو توفير البيئة المناسبة له لكى ينجز ويبدع لمجرد أن له رأيه، وأكبر دليل على عظمة العقول المبدعة حين يتوفر لها الشروط المادية والحرية قيام عالم مثل محمد غنيم بتأسيس مركز الكلى فى المنصورة ليكون منارة لعلاج أبناء الشعب المصرى من ناحية، ويكون مركزًا بحثيًا تخرج منه أعظم المساهمات فى أحدث الأبحاث فى العالم فى تخصص الكلى، وحين تم توفير الإمكانيات لمجدى يعقوب لتأسيس مركز ومستشفى للقلب فى أسوان فإذا به يُعلم جيلًا من الأطباء المصريين على أحدث جراحات القلب فى العالم وجراحات قلوب الأطفال وهذا لأن الدولة أتاحت له الإمكانات ومنحته الحرية فى تأسيس هذه المؤسسة العظيمة فى جنوب الوادى.

إن دولة الإمارات العربية المتحدة أدركت فى الفترة الأخيرة قيمة النخب الفاعلة المبدعة فى كافة المجالات وكيف تسهم فى بناء الأمم وتغيير وجه الحياة فإذا بها تفتح للنخب من جميع أرجاء العالم الحق فى الإقامة والتجنيس فى دولتهم إيمانًا منهم بأن النخب الحية تمثل قوة للدولة وللسلطة الواعية معًا، وستوفر الإمارات لهؤلاء النخب الحية فى كافة المجالات الحياة الكريمة والبيئة المريحة لكى يبدعوا.

وفى النهاية نقول للسلطة فى الدولة المصرية فى لحظة فارقة فى التاريخ المصرى المعاصر إن الاستعانة بنخب ضعيفة فى كافة المجالات، سيؤدى إلى مزيد من الانهيار فى واقع المؤسسات فى الدولة المصرية، ونذكركم بأن وجود نخب حية فى تاريخ مصر الحديث هو الذى صنع لمصر قواتها الحريرية فى أواخر القرن التاسع عشر والنص الأول من القرن العشرين، ولكن منذ الاعتماد على النخب الضعيفة من أهل الثقة وليس من أهل الكفاءة، من أهل الولاء وليس من أهل الانتماء ضعفت مؤسسات الدولة، وأصبحت هذه النخب الضعيفة عاجزة عن تطوير المؤسسات، وتقوية بناء الدولة، والدفاع عن السلطة فى مرحلة العمران والبناء، ولا ينبغى أن يكون اختلاف بعض النخب فى الدولة المصرية مع السلطة طريق لإقصاء الكفاءات عن العمل الفاعل، والبناء على أرض مصر، وفى تطوير مؤسساتها فى كافة المجالات.