فى بلاد الله التى حباها الله الأنهار والبحار يعد الشاطئ مكانا مقدسا لا يبنى عليه أحد حاجبًا الرؤية عن الآخرين إلا فى مصر؛ فالنيل ملك الفنادق والبحر مِلك القرى السياحية وكأنهم ورثوه بل الأدهى من ذلك أن أحدهم ردم البحر وأقام فندقه على ما ردم غير آبه بالشُّعَب المرجانية والحياة البحرية التى دمرها، ولقد ناديتُ قبل عشرين عاما بإقامة كورنيش النيل (ممشى) يمشى فيه خلق الله كى يروا نيلهم، وأحمد الله أننى شاهدت بداية ممشى مصر وإن كانت البداية ضعيفة جدا فلماذا لا يبدأ المحافظون الذين تطل محافظاتهم على النيل بإقامة الممشى فليس المقصود - فيما دعوتُ إليه- ممشى كورنيش بالقاهرة فقط، وإنما كل محافظات مصر فهذا حق لكل مواطن أن يرى نيله الذى يفديه بالروح إذا مسّه عادٍ أثيم.
فمتى نرى قيام المحافظات بإنقاذ حافتى النيل من التعديات وترْك ممشى للناس وشارع للسيارات على ضفتى النيل حتى يراه الناس ولا يتحول إلى هِبة لحاجبيه فقط، وقد تحايل بعض مالكى الفنادق بعمل عوامة كبيرة ترسو أمام الفندق -على حد ما كتبه صديقنا الشاعر حسين القباحى- ولأنها عوامة فالمفترض أنها تبحر وترسو لكنها راسية تحتل النهر وبهذا فهى فندق آخر أضيف إلى الفندق الأم فوق النيل.
والأمر يتكرر فى محافظات أخرى، عمائر وقصور تُبنى على النيل، ولا أنسى أن مقر رئاسة ألمانيا فى بون كان يقع على نهر الراين واقتُطع منه ممشى للناس وشارع للسيارات وممر للدراجات على الراين، فلماذا ونحن عُشاق النيل نحجبه عن أبصارنا؟. وأما ما يحدث فى شواطئ مدن البحريْن الأحمر والأبيض فحدِّث ولا حرج لدرجة أن سكان إحدى المدن الشاطئية كتبوا طلبا للمحافظ بتخصيص قطعة أرض صغيرة شاطئا لهم؟! يا ناس هل يُعقل أن سكان مدينة شاطئية لا يرون البحر بعد إغلاق القرى السياحية أسوارها ومنتجعاتها حاجبة بحرهم عن عيونهم؟ هل الأمر يحتاج إلى تشريع يجَرّم البناء مباشرة على ضفتى النيل وشواطئ البحريْن المتوسط والأحمر وضفاف البحيرات؟ آن وقت التشريع إن لم يكن هناك قانون، أو تفعيله إن كان موجودًا غائبًا!
• خاتمة الكلام
قال «شوقى» فى النيل:
فُتِنَت بِشَطَّيكَ العِبادُ فَلَم يَزَل
قاصٍ يَحُجُّهُما وَدانٍ يَرمُقُ