رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أثارت عدة قضايا مجتمعية الرأى العام المصرى فى الأيام الماضية وكان على رأسها قضية التحرش بالطفلة الضائعة من أطفال الشوارع، وبعدها كان موضوع قانون «الأحوال الشخصية» وذلك المشروع المقدم إلى مجلس النواب لإقراره، ثم حدثت واقعة «سيدة السلام» التى اقتحم مسكنها الخاص صاحب العمارة وزوجته والبواب واعتدوا عليها بالضرب هى ومن كان معها ثم قاموا بإلقائها من شرفة المنزل وأنكروا كل صلة بالحادث حتى تمت مراجعة الكاميرات المتواجدة فى العمارات المقابلة لشقتها... وطبعًا الإعلام والبرامج وجدت فرصة ذهبية لإلهاء الناس فى قضايا تحرش وقضايا حرية شخصية وهل السيدة طبيبة وما هى ديانتها وهل من كان معها صديق أم شىء آخر ولا مانع وسط هذا اللغط وهذا الكلام والحوار أن نشير إلى قانون «الأحوال الشخصية» الجديد بسرعة ودون دخول فى تفاصيل وقضايا مهمة ودون فرد مساحات للنقاش المجتمعى الجاد من متخصصين ومهتمين... ودائمًا يكون الرد الجاهز من الإعلامى أو الإعلامية أن القانون وأن الدستور وأن النيابة وأن المفروض.. ووو.. ويغفل الجميع البحث الحقيقى عن أصل كل ما نعانيه فى مجتمعنا اليوم من غياب ليس فقط للقانون الذى يطبق بحزم وجدية وإنما هو غياب تام للتعليم والثقافة والإعلام...

وإذا كانت الأسرة هى المؤسسة التربوية الأولى للفرد فإن هذه المؤسسة قد اقتحمتها عدة مؤسسات فى السنوات العشر الأخيرة بدايةً من الإعلام حتى الإنترنت و«اليوتيوب» وشبكات التواصل الاجتماعى، ومن ثم فإن الأسرة الآن ليست هى المؤسسة الأولى والأساسية فى تشكيل سلوك ووجدان وفكر وعقل الفرد خاصةً إذا غابت المدرسة كمؤسسة تربوية حقيقية تقدم الفكر والعلم والنشاط وتدعم الأسرة فى استكمال تربية الأطفال والمراهقين عبر الانضباط والسلوك والثواب والعقاب، وأن التعليم تواصل بين معلم وتلاميذه وبين تلاميذ وأقرانهم يتعلمون علمًا وسلوكًا يسمح بالتنافس ويسمح بالتصالح والاحترام والاختلاف، ويهذب الطفل والمراهق ويؤكد أن هناك مجتمعًا على الفرد أن يعيش فيه ليس بقانون الغاب والبقاء للأقوى والأقدر جسديًا أو علميًا أو ماليًا وإنما البقاء لمن يعرف قوانين المجتمع وسلوكيات الإنسان وليس الحيوان وكذلك أن الجد والتعب والسهر وتحصيل الدراسة والحصول على المعرفة يستوجب المزيد من الجهد والوقت وأن هناك مرحلة تسمى امتحانًا أو اختبارًا من خلالها يستطيع الفرد أن يقيم تجربته العلمية، بالإضافة إلى أن المدرسة بها أنشطة رياضية وثقافية وفنية تنمى المواهب وتصقل الفكر وتهذب الإنسان وتغذى الأرواح حتى لا تكل ولا تمل...

وبعد غياب هذا الدور المؤسسى للمدرسة فإن الإعلام أصبح هو المؤسسة التربوية التعليمية الأسرية الدينية الأولى والرئيسية فى بناء الفرد والإنسان وهنا علينا جميعًا أن ندق أكبر ناقوس للخطر الداهم الذى يهاجمنا، فالإعلام تحول إلى مؤسسة ثقافية وتعليمية بديلًا عن الأسرة والمدرسة والمسرح والسينما والكتاب والموسيقى والرسم والفنون... الإعلام اختزل العالم والحياة فى شاشات وفى إلكترونيات تفرض علينا أسلوب الحياة الجديدة، ولأننا قد أدركنا ما فعله الإعلام بنا طيلة السنوات الماضية فإننا قد حولنا الإعلام إلى مسخ ممنهج بلا هوية ولا ثقافة ولا معرفة ولا تعليم... ماذا قدم الإعلام للثقافة المصرية الحالية وماهى البرامج الثقافية التى تقدم؟

لا نجد أى كتاب أو مقال علمى وفكرى ولا توجد برامج تحليلية للأعمال الفنية والدرامية ولا يوجد تذوق فنى للفنون السمعية والبصرية ولا توجد برامج تعريفية وتنويرية لإلقاء الضوء على المجتمع والحياة من الجانب الإنسانى والمجتمعى دون الدخول فى السياسة أو الاقتصاد أو الجريمة، حتى البرامج الدينية عقيمة وقديمة الشكل والمضمون ولن يصل المعنى والمفهوم بهذا المنهج القديم للمتلقين..

الثقافة غائبة عن الساحة فلا سينما حقيقية ولا مسرح ولا فنون شعبية ولا غناء ولا كتاب ولا معارض، حالة سكون تام، وفى المقابل الإعلام المرئى والجديد يفرض سطوته الساذجة الهامشية التى تكرس الوقت للطبيخ والتجميل والسحر والجريمة والصراخ الذى لا يجدى ولا يفيد بإعلانات مستفزة وقاموس لغوى وبصرى مسيئ.. أن القانون لن يقف ليحمى المجتمع وهذا المجتمع بلا هوية ثقافية وتعليمية لأن من يضع القانون ويطبقه جزء لا يتجزء من نسيج ذلك المجتمع.. لمن يفهم..