رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

خارج السطر

تأبى أكفهم أن تتوقف عن التصفيق، تواصل أصابعهم الدق على الطبلة، حتى النفس الأخير. ينسلون كُل يوم بوجه جديد، ولسان مُتلون، وروح وثابة نحو التملق والنفاق والكذب.

يكتب الكاتب الكبير: (ولم أعرف مغزى الكبير هُنا إن كانت عُمراً أم حجماً، أم تاريخاً طويلاً من التصفيق) مقالاً غريباً قبل أيام يُصيب القاصى والدانى بالتقزز، إذ يمد حبال نفاقه إلى الرئيس السيسى، بعد سنين من التوارى والذى حسبه الناس عمراً من الخجل. يكتب الكاتب الذى صفق سنين عدداً للرئيس مبارك ونظامه ودولته وعصره مقالاً يربط فيه بين سياسة الرئيس السيسى وفيروس كورونا، إذ يعتبر صراحة أن تلك السياسة القائمة على التعاون بين الشرق والغرب والشمال والجنوب أصابت الفيروس بالفزع وأجبرته على الرحيل. يقول الرجل بلا منطق «لو كان للفيروس صوت ونطق لقال لم أجد مقاومة شجاعة وشرسة إلا فى مصر».

تصور القُليم، وهى صيغة تصغير لقلم، أن طبلته التى سبق أن تحطمت مع تخلى مبارك عن حكم مصر، صالحة للعمل، وأن الإشادة والتصفيق والمدح تسمح له باستعادة طبلته، ليدق عليها بإيقاع منتظم.

ما علاقة سياسة الرئيس بفيروس كورونا؟ وهل أصيب الفيروس بالفزع ورحل؟ وماذا إذا لم يرحل الفيروس.. هل يعنى ذلك قدحاً فى سياسات الدولة الخارجية؟ وهل يعتقد المُحمّل بأمانة القلم حقاً أن الرئيس تُسعده كلمات المديح غير الممنطق؟

إنه ما زال يعيش زمنه بلا وعى أن كل ما حوله تغير وتبدل. فات أوانه وانقضى. أتذكر جيداً ذلك المداح الذمام يوم وصف الراحل الجميل الاستاذ عباس الطرابيلى بأنه نصف رئيس تحرير، استناداً على قيام فؤاد سراج الدين باختياره مع سعيد عبدالخالق رئيسين لتحرير جريدة الوفد عقب استقالة الأستاذ جمال بدوى سنة 1999، وكان سبب التطاول العجيب يومها انتقاد «الطرابيلي» لمشروع توشكى ومطالبته بدراسات وافية له. وقتها كتب الراحل مقالاً يرد على وصف نصف رئيس تحرير ما زلت أحتفظ به فى أرشيفى بعنوان: «طالبناهم بكشف الحقائق، فأطلقوا علينا الشتام الأعظم».

ومات عباس الطرابيلى لكنه عاش فى قلوب الناس بكتبه وعلمه وذكره، بينما مات صاحبنا نصف الكاتب الطبال وهو حى، فقد كنُت أعتقد أنه رحل عن دُنيانا منذ زمن، حتى تندر الناس بمقال فيروس كورونا قبل أيام فعرفت أنه ما زال حياً.

لو راجع مَن كان رئيساً لتحرير واحدة من صحفنا القومية سياسات الرئيس جيداً لعرف أنه يحرص على الإصلاح حتى لو كان ذلك على حساب شعبيته، وأن مقالات المديح لا تُفرحه.

لقد قلت من قبل إن الرئيس السيسى لا ينتظر نفاقكم، وكتبت أن الدولة المصرية لا ترُيد هتّيفة ومداحين وحملة مباخر. إن العيون والآذان والعقول الواعية تُدرك جيداً أن النفاق تطوعاً هو مقتل التحضر، وأن التطبيل لا يفيد.

والكاتب الحق هو الذى يُمثل إضافة فعلية لصانع القرار، ليس من يقول آمين صاغرة، ليس من ينحنى مذلة، وليس مَن يعلو بالحكام إلى مصاف الأنبياء الذين لا يخطئون. إن مهمة الكاتب هى أن أن يُنبه، يُشير، يكشف، يوضح، يلفت، يحذر، يُتابع، يُصحح، يُعاون، يُشارك، يُسائل، ويطرح بدائل ويُقدم أفكاراً.

والله أعلم.

 

mailto:[email protected]