عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

كان يسير بالغابة حين رأى دبًا صغيرا يتصارع مع أفعى، فأشفق على الدب وهجم على الأفعى فقتلها، ومنذ ذلك الحين تعلق الدب بالرجل، ورافقه فى رحلته، وصارا كالصديقين، رغم تحذير كل من رآهما من خطورة الدب وهو يكبر، وان ليس له صاحب، لكن الرجل لم يسمع لنصح احد، بل اعتقد أن الناس يغارون من تلك الصداقة والحب، وفى هذا اليوم كان نائما تحت شجرة، حيث هاجمه الذباب، ولأن الدب لا يفكر فى عواقب ما يفعله، كان كل همه اثبات حبه وولائه لصاحبه، فالتقط حجرا من الأرض، وضرب به الذباب فوق وجه صاحبه، وكانت النتيجة، قتل الدب صاحبه وهشم رأسه، فيما هرب الذباب بحياته.

من منا لم يسمع تلك القصة هو صغير من الجدة...الأم.. أى شخص آخر، ليستخلص هدفها، الصاحب الأحمق يضر ولا يفيد، كالبطانة الحمقاء لأى مسئول كبير أو صغير، البطانة الناعمة الدافئة التى تبطن «سوء الأعمال والقرارات» للمسئولين وتزينها، وتهلل لها وتطبل بانه ليس بالامكان أحسن مما كان، ودعونا نعترف أن أى انسان يتولى منصبا ما، يحتاج الى سند حوله، فلا يمكنه وحده أن يدير المنصب دون أعوان ومستشارين ومنفذين، فئة يشور عليها ويشاورها، وفئة تراقب تلك القرارات وتؤمن على صحتها ونفعها للناس، وفئة تنفذها بحرفية ودقه فلا يخيب الهدف ولا يتبدد الرجاء.

إذًا مهما بلغ الشخص من قدرة وعبقرية، بدون من حوله، فلن ينجح، والمحظوظ من يوفقه الله الى بطانة صالحه، تخاف الله ولا تخاف المسئول، تراعى الله قبل أن تراعى ارضاء المسئول، تضع المجتمع والشعب ومصالحهم فى أولويات القرارات، ويكونون عينا أمينه، لا يخدعونه، ولا يزيفون الحقائق، ولا ينقلون له التقارير الملفقة التى ترضيه وتشعره بأن «كل شيء تمام» وان الناس مستعدة للتضحية بحياتها ونفسها ومالها من أجله لفرط حبهم فيه، لأن ده كلام مجانين، واللى يصدقه مجنون.

الدول لا ترتبط بعلاقات وثيقة مع بعضها البعض الا من اجل المصالح، وكلما زاد ارتباط المصالح، زاد التقارب والتفاهم والارتباط، وهذه بديهيات العلاقة بين أى رئيس أو ملك أو مسئول كبير أو صغير وبين الشعب، كلما قام على خدمة مصالحهم وراعى الحقوق ولم ينتقصها، ولم يعطِ «أذنه» لبطانة سوء تزين له أعماله، كلما ارتبط به الناس بالفعل، واحبوه بصدق، وكانت علاقتهم به احتراما وتقديرا، لا خوف من جبروته وبطشه هو أو بطانته من حوله، وأكرر أن البطانة هى من تزين سوء الأعمال، وهى من تنفخ «المسئول» وتجعله يصدق نفسه و«يتفرعن»، وهناك من يصبحون حوله كاثوليك اكثر من بابا روما، بمعنى انهم يفعلون تطوعا منهم ما لم يقله المسئول اعتقادا أن هذا يرضيه ويثبت أقدامه ويطيل أمد جلوسه على الكرسى، فيصادرون الحريات ويقطعون الألسنة ويتجبرون، وهؤلاء نوع من اثنين اما منافقين «وما صدقوا ما صاروا بطانة مقربة من المسئول» وإما «مصلحجية» وبالتالى كلما نفخوا فيه وزينوا له أعماله السوء، زاد نفوذهم وتوسعت مصالحهم، لكنهم فى النهاية سواء فئة المنافقين أو المصلحجية، الاثنان ليسا سوى كالدب الذى سيقتل صاحبه فى النهاية...

وأول ما تفعله بطانة السوء التخلى عن المسئول لحظة سقوطه، والقفز من المركب «تيتانك» قبل أن تغرق بالجميع، لأنهم ليسوا سوى شياطين انس، والشيطان وقت الحساب يتخلى عمن أغواهم وأخذهم فى طريقه، ويتبرأ منهم أمام الله، هكذا بطانة السوء.. الدببة..الشياطين.. أما تقتل صاحبها، واما تتخلى عنه لحظة السقوط، بل قد يكونون أول من ينقلبون عليه ما استشعروا قرب نهايته والتى كانوا بسوء بطانتهم السبب فيها.

من هنا كانت آية الله صريحة «يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بِطَانة من دونكم لا يألونكم خبالا» أى لا يتورعون عن ترويج الباطل، وتغييب الحق والترويج للفساد، وافساد العلاقة بين ولى الأمر ورعيته.

[email protected]