رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

فى كل مرة أتناول فيها قضية إيجارات المساكن القديمة أقول إنها آخر مرة أكتب فيها لحين إعلان مجلس النواب رسميًا أنه أمام مشروع قانون من لحم ودم محال إليه من الحكومة أو من عُشر عدد النواب، وأصبح فى حيازة لجنة الموضوع مع تكليفها من رئيس مجلس النواب بسرعة مناقشته وإعداد تقرير عنه لطرحه فى الجلسات القادمة.

فى أى جلسات وأى وقت المهم يعلن رئيس المجلس من فوق المنصة عن أن المجلس سيناقش هذه القضية الخطيرة لإطفاء نار الخلافات المستعرة بين طرفين متخاصمين وهما المستأجر والمالك اللذين نشأت بينهما عداوة بسبب تأبيد عقد الإيجار مقابل عائد مادى لا يثمن ولا يغنى من جوع فى ظل اقتصاد السوق الذى لا يعترف بهذه المبالغ الفكة التى لا تشترى كيلو باذنجان مقابل شقة عريضة طويلة يعيش فيه المستأجر دون أن يقول له أحد ثلث الثلاثة كام، وحتى لا يغضب منى المستأجرون فإن معظمهم ظروفه صعبة ولا يستطيع ترك الشقة المؤجرة التى يعتبرها إرثًا ويبحث عن أخرى إيجارها الجديد أو قيمتها التمليك درب من الخيال.

إذن هناك أزمة مجتمعية سببها الإيجار القديم، وعدت إلى الكتابة عنها، بعد توقف لأننى مضطر أمام سيل الرسائل التى أتلقاها يوميًا من طرفى العلاقة: المستأجرون يريدون أخذى فى صفهم، والملاك يهتفون فى أذنى إن جيت للحق إحنا أحق!! وبصراحة كده أنا محتار، بين الاتنين لكن مقدرش أحب اتنين علشان مليش قلبين، وكمان الحب الثانى الذى يأتى بزواج ثان لا سمح الله، عقوبته السجن سنة وغرامة 50 ألف جنيه فى قانون الأحوال الشخصية الجديد وأنا مش حمل حبس وغرامة، ولا حمل أيضًا قراءة رسائل الملاك والمستأجرين التى تثير الشفقة ويؤكدون فيها أنهم أبناء البطة السودا.

طبعًا لا يوجد أبناء بطة سودا فى المجتمع المصرى حاليًا بالمعنى الذى يقصده الملاك والمستأجرون، ممكن يبقى البنى آدم أبيض أو أسمر البشرة حسب الجينات الوراثية ولكن لا فضل لأبيض على أسمر طبقًا للدستور الذى لا يفرق بين المواطنين بسبب اللون أو أى شىء آخر، فالجميع أمام الدستور والقانون سواء.

إذن ما المانع أن يتدخل القانون لطمأنة البيض والسمر من الملاك والمستأجرين بأن هناك حقوقًا يجب أن ترد وأمانات لابد أن يحصل عليها أصحابها، فأنا أرى أن الاثنين على حق، ولكن يجب أن يتحدد هذا الحق بتدخل من الدولة ومجلس النواب ومجلس الشيوخ للفصل بين الملاك والمستأجرين.

وأورد هنا رسالة من أحد الملاك مضمونها يحمل عتابًا للبرلمان ويقول: «إشمعنى مجلس الشعب فى السابق حرر عقود الإيجار فى الأراضى الزراعية وتجاهل عقود الشقق المؤجرة»، وتضيف الرسالة، وهل لأن بعض الكبار مستأجرون شققًا فى مناطق راقية يدفعون فيها ملاليم ويخشون خروجهم منها؟ فعلًا هذا الكلام أثير فى السابق، ولكن لا محل له من الأعراب حاليًا، لأن هذه القضية شديدة التعقيد ولها آثار اجتماعية خطيرة، ورأيى فيها أنه لا يجوز طرد المستأجرين فى الشارع، ولا يجوز أيضًا حرمان الملاك من عائد مناسب مقابل استمرار عقد الإيجار، ولابد أن يكون هذا العائد لضمان حياة كريمة للملاك الذين أصبحوا فى الحضيض، أو فى العلالى ولكن لطالوا سما ولا أرض ويعتبرون ملاكًا على الورق وأغنياء من شدة التعفف!

والذى جعلنى أعود لهذه القضية أيضًا بخلاف رسائل أطراف الأزمة هو أن هناك قضايا شائكة لابد أن يشتبك معها نواب البرلمان باعتبارهم أدوا القسم على حماية مصالح الشعب والملاك. والمستأجرون يأملون فى نوابهم أن يتدخلوا للصلح بينهم على طريقة اللى شبكنا يخلصنا، والشبكة قديمة جدًا ترجع إلى عشرات السنين منذ الستينيات على الأقل عندما فرض العقود الممتدة لمواجهة أزمة البناء والسكن.

رأيى أن يكلف المستشار حنفى جبالى رئيس مجلس النواب عدة لجان برلمانية فى مقدمتها الإسكان والإدارة المحلية والتشريعية والأمن القومى لإجراء حوار حول هذه القضية والاستماع إلى بعض الملاك والمستأجرين لإنهاء هذه الأزمة خلال دور الانعقاد الحالى لتدارك آثارها التى وصلت إلى حد إهمال صيانة العقارات المؤجرة وأصبح بعضها خطرًا على السكان، بسبب العند بين المالك والمستأجر.. إن حماية مصالح هؤلاء فى رقبة النواب الذين انتخبوهم ليرعوا مصالحهم ويصلحوا بينهم بالعدل.