عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

 

 

 

جعل المشرع الدستورى سلطة التشريع فى يد مجلس النواب، وطلب الدستور تفرغ أعضاء مجلس النواب لمهام العضوية مقابل الاحتفاظ لهم بوظائفهم وأعمالهم، وخصص لهم مكافآت ومنحهم الحصانة البرلمانية لتحميهم من المساءلة بسبب ما يبدونه من آراء تتعلق بأداء أعمالهم فى المجلس أو فى لجانه، وفوض الدستور أعضاء مجلس النواب فى توجيه الأسئلة والاستجوابات إلى رئيس مجلس الوزراء، أو أحد نوابه، أو أحد الوزراء، أو نوابهم لمحاسبتهم عن الشئون التى تدخل فى اختصاصاتهم بالنسبة للاستجوابات، والرد على علامات الاستفهام التى تحملها الأسئلة فى دور الانعقاد ذاته.

كما يجوز لمجلس النواب أن يشكل لجان تقصى حقائق فى أى موضوع عام، وأعطى الدستور الحق لكل مواطن فى أن يتقدم بمقترحات مكتوبة إلى مجلس النواب بشأن المسائل العامة، وللمواطن أيضًا حق تقديم شكاوى إلى المجلس ليحيلها إلى الوزراء المختصين، وألزم الدستور الوزراء بأن يقدموا الإيضاحات الخاصة بها إذا طلب المجلس ذلك، ويحاط صاحب الشأن بنتيجتها، فماذا فعل مجلس النواب للنهوض بمسئولياته وسلطاته التى منحها له الدستور، لقد وقع البرلمان فى السابق أسير تنفيذ رغبات الحكومة، وأصبح متلقيًا لمشروعات القوانين وليس صانعًا لها، وتخلى عن دوره الرقابى بسبب خطأ فى مفهوم الأغلبية التى كانت تعتقد أن دورها التهليل والتطبيل والتسليم بكل كلمة تقولها الحكومة وتهمل حقوق الشعب، ومن وراء ذلك الركوع القهرى ظهرت القوانين سيئة السمعة وزواج المال بالسلطة.

تغيير هذا الوضع المنبطح جاء من الدستور أيضًا عندما منح مجلس النواب حبوب الشجاعة وسمح لعُشر عدد النواب حق التقدم بمشروعات قوانين يتم مناقشتها مباشرة أمام لجنة الموضوع دون الانتظار للمشروعات التى ترد من الحكومة إذا رأى النواب ضرورة عاجلة للتدخل لصالح المواطن، ويستطيع المجلس أن يصدر هذه القوانين طبقًا لسلطته فى التشريع.

وللأمانة حدث هذا التحرك من جانب البرلمان منذ الفصل التشريعى الأول بعد ثورة 30 يونيه، ولكن على استحياء وظهر دور المجلس منذ بداية الفصل التشريعى الثانى مع مجلس النواب الحالى، ولم تكن الأغلبية فقط هى المتصدية لحقوق الشعب ولكن كانت جميع الأحزاب السياسية الممثلة فى البرلمان ولأول مرة مؤيدة لاقتراح الأغلبية وفى مقدمتها حزب الوفد الذى اقترح رئيسه المستشار بهاء الدين أبوشقة رئيس الحزب ووكيل أول مجلس الشيوخ تأجيل تطبيق تعديلات قانون الشهر العقارى لإجراء حوار مجتمعى واسع حوله، وإعداد مشروع قانون موحد يضم التوثيق والشهر للتيسير على المواطنين فى شهر ممتلكاتهم، كما أيد أبوشقة قرار الرئيس السيسى بتأجيل التعديلات لمدة لا تقل عن عامين، ووجه «أبوشقة» أعضاء الهيئة البرلمانية لحزب الوفد بالتداخل فى جميع المناقشات حول مشروع القانون الذى كان سيطبق يوم 6 مارس سواء فى اللجنة التشريعية أو تحت القبة لتأييد تأجيل القانون، ولأول مرة نجد اتفاقا بين الأغلبية البرلمانية والمعارضة للحفاظ على حقوق المواطن وحقوق الدولة، واكتشفنا أن الرئيس كان يتابع ما يدور تحت القبة من مناقشات، واستجاب الرئيس لنبض الشارع ولمطالب نواب الشعب، وكلف الحكومة بإعداد مشروع قانون جديد بعد حوار مجتمعى يتم فيه الاستماع إلى أصحاب الشأن لتخفيف الأعباء على المواطنين.

ما حدث تحت القبة خلال جلسات هذا الأسبوع يؤكد احترام الدستور الذى يفصل بين السلطات ويجعلها متعاونة غير متداخلة فى الاختصاصات، الحكومة مارست حقها فى التقدم بالتشريع، وتحملت مسئولية التنفيذ، والبرلمان أشار إلى المناطق الضبابية فى القانون، وهب الجميع لتفتيح الألوان وإزالة النقط السوداء، ولم تفكر الحكومة فى جباية الأموال، واستجابت للشعب من خلال ممثليه تحت القبة.

هذه الجلسات تؤكد أن البرلمان لن يكون أداة فى يد الحكومة، ولن تستطيع لى ذراعه، ولكن نريد أن يكثف مجلس النواب من مبادراته واستخدام سلطته فى التقدم بمشروعات القوانين، وأن تحدد الحكومة أجندتها التشريعية وتخطر بها البرلمان وعليها أن تركز أيضًا فى اختيار مجموعتها الوزرارية التشريعية لعلاج الثقوب فى مشروعات القوانين المهمة قبل أن تحيلها إلى البرلمان، ليس فى قانون الشهر العقارى فقط، ولكن فى قانون الأحوال الشخصية الذى أتوقع له أن يلقى مصير قانون الشهر العقارى ويتم تأجيله لأنه من شكله الحالى غير قابل للتطبيق، ومعظم مواده غير دستورية، فهذا القانون الأهم فى حياة الأسرة المصرية، يهدد بانقسام المجتمع بين امرأة ورجل، المرأة ترى أنه غير منصف لها، والرجل يرى أن القانون يجرده من حقوقه، حتى المرأة منقسمة حول الزواج الثانى، لا تريد حبس الزوج، ولا فرض غرامة عليه، ولا تريده فى نفس الوقت يتزوج أخرى عليها وعدم زواج الرجل بأخرى غير دستورى وغير شرعى، وإذا تم تغييره لصالح الزوجة الأولى، سوف يزيد الانحراف، والزواج العرفى، مطلوب من مجلس النواب أن يبادر بنزع فتيل أزمة هذا القانون قبل البدء فى مناقشته، وأن يدرس اقتراح المستشار بهاء الدين أبوشقة رئيس الوفد وكيل أول مجلس الشيوخ بتشكيل لجنة مشتركة من أعضاء مجلسى النواب والشيوخ لدراسة مواد القانون مرة أخرى، وإجراء حوار مجتمعى حولها، وأخذ رأى الأزهر فيه، ولكن بهذا الشكل هذا القانون من العيب أن يطرح، ولابد أن يراعى القانون أن القرآن الكريم طالب الأزواج أن يكون بينهم مودة ورحمة ولا ينسوا الفضل بينهم، وإما يستمروا بمعروف أو يفارقوا بإحسان، كما جعل الله الطلاق أبغض الحلال، لابد من مراعاة حقوق الطفل التائه بين أسرة منفصلة وبين حقوق مطلقة أو أرملة وبين ما نسمعه من آراء جديدة أن الزوجة غير مطالبة بإرضاع أطفالها!!

بشرة خير من مجلس النواب الجديد فى أنه حريص على القيام بدوره التشريعى والرقابى وغلق ملف الماضى الذى كان فيه البرلمان يعمل بالتعليمات والتوجيهات وكان الشعب هو الضحية.. حاليًا الشعب وجد من يحنو عليه وجاءت المبادرة من الرئيس السيسى، ونرجو أن يكون من بين أعضاء الحكومة وزراء سياسيون يجيدون إطفاء الحرائق السياسية فى مهدها، والتى تنشأ من وراء مشروعات القوانين غير المدروسة أو من خلال التصريحات غير المنضبطة أحيانًا، دائمًا الرئيس السيسى هو المنقذ، ولكن نريد أن نسمع صوت الحكومة، وننتظر ارتفاع أداء مجلس النواب وإلى جواره مجلس الشيوخ لتخفيف الأعباء عن الرئيس السيسى كان الله فى عونه.