رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

 

 

 

 

 

ملف المتقاعدين كبير وعميق وشائك، بدءًا من المعاشات الهزيلة المهينة التى لا تغنى ولا تسمن من جوع، فى أرذل العمر، والذى من المفترض أن تكرم فيه الدولة هؤلاء، جزاء بما عملوا وأفنوا شبابهم فى خدمة الوطن والمجتمع، فإذا بالمعاش الفتات لا يكفى حتى ثمن الدواء لهم، ليعيشوا ما تبقى لهم فى قهر وعوز وحاجة، وأكاد أزعم أننا فى مقدمة دول العالم التى تهدر كرامة وحقوق المتقاعدين على هذا النحو، فى كل دول العالم حتى تلك التى علمناها نحن القوانين وساهمنا فى وضع تشريعاتهم، المعاش لديهم يكفى لأن يحيا المتقاعد حياة كريمة، بجانب تخفيضات كثيرة، وإعفاءات فى العديد من الخدمات، حتى فى أجرة السكن، بجانب توفير مساكن خاصة لهم فى أحياء بعينها، تتسم بالهدوء والمناظر الجميلة، والخدمات والمرافق السهلة لخدمتهم، بما يوفر لهم المزيد من الحياة الكريمة.

وكنت قد طالبت فى مقالى السابق بإنشاء مراكز للرواد بالأحياء على غرار مراكز الشباب، وأن تتضمن أنشطة حرفية يدوية ومهنية «اصنع بنفسك» وثقافية وفنية ورياضية، على غرار الألعاب البسيطة التى يمكن أن يمارسها المسنون، ورياضة ركوب الدراجات والتجديف ومكتبة وأن يكون بها مطابخ، يطهو بها المسنون طعامًا جماعيًا بالمشاركة بمبالغ مالية، خاصة المقيمين بمفردهم فى منازلهم ممن يعانون الوحدة والملل والاكتئاب.

فكثير من المتقاعدين لديهم مواهب خاصة فنية أو رياضية أو أى موهبة، ولكن ظروف العمل والحياة الطاحنة جعلتهم ينسون هواياتهم، ويزيحونها بعيدا عن اهتمامهم لوجود أولويات حياتية ومسئوليات اعتبروها أهم تجاه أسرهم، لذا مع التقاعد تكون الفرصة متاحة لأن يمارسوا هواياتهم وينفسوا عن أنشطة يحبونها أرجأوها سنوات طويلة.

كما يمكن الاستفادة من المتقاعدين فى عمل دورات تدريب للشباب بهذه المراكز، على أن يستخدم كل متقاعد خبراته السابقة فى عمله وتخصصه، لتدريب الشباب ونقل خبرته اليهم فى أى من مجالات العمل، ويمكن تشغيل المتقاعدين فى دور الحضانة، والمدارس الابتدائية ليقوموا بدور «الراوى» أى الحكواتى، فمن منا لا يشتاق إلى وجود جد أو جدة لأولاده وأحفاده، يحكون لهم القصص اللطيفة، ويجلسون معهم بعض الوقت، ينقلون لهم السلوك المحترم والعادات والتقاليد الجميلة، ويحدث هذا النموذج فى بعض الدول الأوروبية حيث يتم الاستعانة بالمسنين فى حصة من حصص الأنشطة للأطفال، إذ يقوم بسرد الحكايات للأطفال، أو مشاركتهم فى بعض الألعاب والأنشطة والهوايات، ويكون هذا مصدر سعادة للمسنين وللأطفال أيضا، كما يتم الاستعانة مثلا بضابط شرطة ورجل مرور متقاعد أو أى من رجال القانون، ويقدم حصة تدريبية للأطفال بالمدارس لتعليمهم احترام قواعد المرور، والقانون، واحترام دور رجال الشرطة، من خلال سرد مبسط واحتكاك عملى مع الأطفال يوضح من خلاله الضابط أو رجل الأمن أو المرور أو الإطفاء المتقاعد، كيف يتعب رجال الشرطة والقانون من أجل راحة المواطنين وأمنهم وسلامتهم، بل يشارك هؤلاء فى رحلات للأطفال لتدريبهم على الطبيعة احترام القانون والمرور، ورجال الشرطة... وهكذا.

كما يمكن الاستعانة بالمتقاعدين فى دور الأيتام، لتعويض الأطفال الأيتام حنان الأم والأب والأجداد، وفى فصول محو الأمية بالأحياء والقرى والنجوع، وفى الاستعانة بهم فى مؤسساتهم بتمديد الخدمة لبعضهم ممن يتمتعون بالخبرات والكفاءة التى يمكنهم إفادة جيل الشباب بها وتدريبهم عليها وبناء كوادر جديدة مهنية، فإذا كانت المعاشات لا تكفى أبدًا حياة كريمة لأى متقاعد، فإن تقديم الخدمات المجانية والميسرة التكاليف والمخفضة تعد عوامل مساعدة، ليعيش هؤلاء حياة ولو شبه كريمة فى أواخر العمر، بما فى ذلك تخصيص أتوبيسات للمسنين فوق الستين، مجانا أو مخفضة، بها من وسائل الراحة ما يساعد هؤلاء على الانتقال بسهولة وكرامة.

لذا أطالب بعمل قاعدة بيانات للمسنين، وعمل تصنيفات لهم وفقًا لأنواع العمل والخبرات التى يتمتعون بها، وتقسيم هذه التصنيفات فى أماكن عمل للاستفادة بهم قدر الإمكان، كما أطالب بعمل مساكن خاصة جماعية للمسنين المقيمين بمفردهم، فكثير من هؤلاء يتنازلون لأبنائهم عن مسكنهم ليتزوجوا فيه، ويعيشون هم فى أماكن أخرى رديئة أو لدى أقارب لهم أو حتى لدى بعض أبنائهم، ويعانون فى هذا من الإذلال الشديد. مطالب كثيرة ومشروعة لآبائنا وأمهاتنا، لنا فى المستقبل القريب أو الآجل، من حق المسنين الحياة الكريمة.. أرجوك يا سيادة الرئيس نظرة للرواد.

[email protected]