رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أنتمى للصعيد، حيث النفوس الأبية، وأخلاق الشهامة والكرم، والصلابة فى مواجهة المحن، والحرص على إغاثة الضعيف، والوقوف إلى جانب المظلوم.

أفتخر بجذورى موقنًا أن الإنسان بلا جذور هو مجرد كائن هش غير قادر على المواجهة أو حتى التأقلم مع الآخرين.

أعى جيدًا ما يجرح أبناء الوجه القبلى من تنمر وازدراء ونظرة فوقية لا أساس لها سوى الانحراف السلوكى الفردى الذى لا يمكن تعميمه على المصريين.

من هنا، كان ثقيلًا على نفسى أن يخرج أحد الإعلاميين على الشاشة ليفترى على أهل الصعيد متقولًا عليهم ما ليس من أخلاقهم، وملصقًا بهم خيالات تدور فى رأسه.

فمن يعرف أبناء الوجه القبلى جيدًا، ومَن يعايشهم، ومَن يعاملهم، ويقترب منهم يُدرك كم هُم كرماء، أوفياء، صرحاء، أنقياء، وطيبون. ويشهد التاريخ الحديث كيف قاوموا المحتلين مستعمًرا خلف آخر، وكيف أبوا التفريط فى كرامتهم، وكانوا دومًا نموذجًا للتفانى والعطاء والصبر. فعندما قدمت الحملة الفرنسية إلى مصر سنة 1798 سيطرت على الإسكندرية والقاهرة والدلتا، لكنها تعثرت فى مُدن الصعيد حتى أنها عرضت على المماليك أن يحكموه تحت سيادتهم. وفى ثورة 1919 وما شهدته من مقاومة ضارية للاحتلال البريطانى كان الصعيد مركز مقاومة مسلحة عتيدة وصلت فى بعض الأحيان إلى اضطرار القوات البريطانية إلى قصف بعض مدنه بالطائرات.

وفى مختلف العصور قاوم أهل الصعيد كافة محاولات الانقسام وواجهوا دعوات الانفصال بجد وقوة، وكانوا أحرص على وحدة الأرض المصرية التى تميزت بقدم المركزية بحكم الجغرافيا، حيث ربط نهر النيل المطلين عليه داخل مصر بسياج واحد هو القومية المصرية.

لقد أخرج لنا الصعيد عباقرة ومفكرين وزعماء وعظماء غيروا وجه التاريخ ورفعوا اسم مصر عاليًا فى كل مكان.

لذا فإن الصعايدة هم المصريون الأوائل، هم مثال الشهامة، ونموذج النخوة والكرامة، ليسوا فئة أخرى، ولا هُم طائفة مختلفة. قطعًا لا يسئهم خطأ مذيع ولا يعيبهم انفلات منفلت، إنما تجرحهم أوصافًا متنمرة لا يقبل بها عاقل، ولا يرضاها رشيد.

إننى أعتقد أن الأزمة المثارة إعلاميًا يجب أن تواجه بأكثر من محاسبة مذيع على خطئه، فنحن فى حاجة ماسة للبرهنة عمليًا على وحدة الهم المصرى، وأن نلتفت باهتمام أكبر لمشكلات الصعيد. نحن فى حاجة أن نفكر بعملية وندرس بعناية إن كان هناك تهميش للصعيد، مدنًا وريفًا أم لا؟ وإلى أى مدى يُمكن تغيير ذلك؟ وكيف يُمكن تحسين ظروف الإنسان المصرى هناك؟ وكيف نُنشئ نماذج حضارية ملهمة؟ وكيف نُقدم قصص نجاح حقيقية؟

إن عجلة التحديث والتطوير يجب أن تمضى رأسيًا من الجنوب إلى الشمال. فالأفضل أن تبدأ الحكومة مشروعات المدنية والعمران من أقصى الجنوب ثم تمتد تدريجيًا إلى الشمال. إننى أتصور أن أهل الجنوب هُم أكثر احتياجًا للدعم والمساندة والتطوير والعمران.

لقد كتبت مستبشرًا قبل أيام فى هذا المكان عن مشروع «حياة كريمة» لتحديث وتنمية القرى المصرية الأشد فقرًا وأعتقد أن جانبًا كبيرًا من هذه القرى يوجد فى الوجه القبلى، وأننا مطالبون بعرض حكايات النجاح هناك لنُثبت أن سقطات ألسنة البعض لا تستحق سوى التجاهل.

وحسبنا أن نُكرر بافتخار أن الصعيد هو عصب العزيمة ومركز الإباء وأرض الأخلاق وموطن الخير. ولولاه ما كانت مصر التاريخ والشخصية والمكانة العظيمة.

وسلامٌ على الأمة المصرية.