رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

عرف الشعب بعض القوانين الجائرة فأطلقوا عليها قوانين سيئة السمعة، وكان فى مقدمة هذه القوانين قانون مباشرة الحقوق السياسية الذى يعتبر القاطرة لقوانين الإصلاح السياسى، مثل قانون مجلس الشعب وقانون الأحزاب السياسية، فقد ظلت هذه القوانين جامدة دون تعديل عشرات السنين غير معترفة بالتطور ودوران الأرض وتغير المناخ والمد الديمقراطى فى العالم من حولنا، وترتب على هذا التجميد القسرى للقوانين ضياع حقوق الشعب فى حرية التعبير والانتخاب، وكان الهدف السيطرة على مقاليد السلطة.

وراء ظهور هذ القوانين المؤذية شياطين الإنس أو ترزية القوانين الذين كانت تستعين بهم السلطة لتفصيل القماشة حسب المقاس بأكمام، أو نصف كم، كاجول محزقة، طويلة، قصيرة.

الترزية كانوا معروفين بالاسم، وكانوا يفتخرون بصنعتهم، وعندما كان يضج الشعب بصنيعهم يجدون من يدافع عنهم، بأنهم مهرة فى تخصصهم، وأن الترزى الجيد سعره غالى، وكان بالفعل سعر هؤلاء التزرية غاليا جداً أماكنهم محفوظة وحقوقهم مدفوعة وطلباتهم مجابة.

ومع طول فترة الجمود لهذه القوانين سارت بالتوازى مع الدستور الذى ظل أكثر من 30 عاما رافعاً شعار ممنوع الاقتراب والتعديل، وعندما كان يقول المطالبون بالتعديل إن الدستور وهذه القوانين ليست قرآنا، كان الرد نعم هى ليست قرآنا، ولكن إحنا مزاجنا كده، أو الوقت غير مناسب للتعديل. وبقى الحال على ماهو عليه، وفجأة تم طرح الدستور للتعديل، وإذا به يأتى بمادة مازلت أتذكر رقمها فى الدستور حملت رقم «76»، وعدد كلماتها حوالى 600 كلمة!! هذه المادة قطعت الماء والنور والهواء عن أى طموح سياسى، وكانت مقدمة لتوريث الحكم رغم ما طرأ عليها من تعديل أو حتى تحويل النظام الرئاسى من الاستفتاء الى الانتخاب. وأخرج الترزية ألسنتهم، عاوزين تعدلوا الدستور أهه إحنا عدلناه!!

وتوالت القوانين السيئة التى كانت تلتف حول بعضها، فتعديل قانون العقوبات خنق حرية الصحافة عندما تم حبس الصحفيين احتياطيا، وللأسف وافق عليه مجلس الشورى الذى كان رئيسه رئيساً للمجلس الأعلى للصحافة كما جاء من الحكومة، كما وافق عليه مجلس الشعب، وتم تعديله بعد وقفة نقابة الصحفيين، كما تم تعديل قانون المحكمة الدستورية العليا حتى تسرى أحكامها على الدعوى المرفوعة فقط ولا تنطبق على باقى الحالات المشابهة. كما تم إلغاء الإشراف القضائى على الانتخابات من خلال مشروع قانون سيئ السمعة، ووقف وقتها أحد الوزراء يتفلسف قائلاً تحت قبة البرلمان إن إشراف القضاء يكون من علٍ أي في اللجان العامة وليس على كل صندوق، وعاد الإشراف القضائى مرة أخرى على الانتخابات بحكم من المحكمة الدستورية العليا.

قوانين هذه الفترة كانت تحال إلى البرلمان ليلا وتتم الموافقة عليها صباحا دون كشط أو تعديل عندما تحول البرلمان إلى «ختامة» للمطبوعات الحكومية.

العك التشريعى دفعنا ثمنه بقيام ثورتين فى 25 يناير و30 يونيه، والكل يعلم أن حكم الإخوان الذى استمر عاما  فقط ارتكب جريمة فى حق الدستور عندما أصدر إعلانا دستوريا بتحصين بعض القرارات من الطعن، ومنها حظر حل مجلس الشورى، وبسببه حاصر جماعة الإخوان المحكمة الدستورية العليا لمنع قضاتها الأجلاء من ممارسة مهامهم فى نظر الدعاوى التى طالبت بحل المجلس، وبانتصار إرادة الشعب فى إنهاء دور الدولة العشوائية وانتهاء دور شبه الدولة العشوائية، أرسى الشعب دولته الجديدة أو دولة 30 يونيه التى أرست احترام دور البرلمان باعتباره سلطة التشريع، ومنحته التعديلات الدستورية الأخيرة حق تقدم عُشر أعضائه بمشروعات قوانين تعامل مثل المشروعات التى تقدم من الحكومة بالإحالة إلى اللجان النوعية مباشرة لمناقشتها، وتحال اقتراحات مشروعات القوانين من أى عضو إلى لجنة الاقتراحات أولا لإقرارها من الناحية الدستورية، كما وضع البرلمان مادة فى لائحته الداخلية تتيح لكل لجنة تقفى آثار تطبيق القوانين على المواطنين، ويستطيع مجلس النواب تعديل أى قانون عندما يكتشف وقوع أخطاء فى تطبيقه، أو أنه يُحمل المواطنين أعباء فوق طاقتهم.

الدستور فى دولة 30 يونيه ليس قرآنا ويمكن تعديله، وتحدث «السيسى» لرؤساء المحاكم الدستورية الإفريقية مؤكداً أهمية تحديث الدستور ليواكب العصر، 30 يونيه دولة عصرية لا يمكن أن يتضمن دستورها مادة تحتوى على 600 كلمة، ولا يمكن أن تكون قوانينها أداة لجلد الشعب وكبت حرياته والتفتيش في جيوبه.

وأتوقع أن تتجاوب الحكومة مع نواب البرلمان في تعديل أي قانون يشكل عبئاً علي المواطن حتى قبل تطبيقه.

فللشعب السيادة وحدة، يمارسها ويحميها وهو مصدر السلطات.