رؤى
اندهشت جدًا عندما استمعت لمداخلة وزيرة الصحة لإحدى القنوات الفضائية حول لقاح كورونا، وتأكيدها تفكير الحكومة فى بيع اللقاح للمواطنين، عدا الأطقم الطبية وغير القادرين ببرنامج تكافل وكرامة سوف تقوم بتطعيمهم بالمجان، يباع اللقاح، حسب تصريح الوزيرة، بمبلغ 200 جنيه للجرعتين.
المدهش والمؤسف فى هذا الاتجاه أن الحكومة سبق وفتحت باب التبرع لتطعيم غير القادرين منذ عدة أسابيع، وتلقت بالفعل تبرعات بملايين الجنيهات، كما أنها لم تقم بشراء جرعة واحدة حتى اليوم، وما تسلمته من جرعات حتى تاريخه كان هدية مجانية من دولتى الإمارات والصين الشعبية.
والحديث عن بيع اللقاح بـ200 جنيه للجرعتين، أى بنحو 13 دولارًا، حديث غريب ومرفوض، لأن معظم رجال الأعمال قاموا بالتبرع كمساهمة منهم مع الحكومة فى تمويل عملية لقاح المواطنين، كما أن بعض رجال الأعمال المصريين والأجانب سبق وأعلنوا تحملهم قيمة اللقاحات الخاصة بالعمالة التى تعمل فى شركاتهم، وهو ما يعنى رفعهم عبء نفقات تطعيم بعض الملايين.
المفترض أن تقوم الحكومة، مثل حكومات جميع العالم، بتطعيم الموظفين والمدرسين والعمالة وأصحاب المعاشات، وأئمة المساجد، وعمال النظافة، والباعة الجائلين وغيرهم من أبناء الطبقة الوسطى الكادحة.
والمفترض كذلك أن تقوم بتطعيم أصحاب الأمراض المزمنة، الأورام، والسكرى، والربو، والضغط، والسمنة والقلب وغيرها، وتطعيم كبار السن، على أن تتم عملية التطعيم مجانًا، لأن جميع هذه الفئات، وهى أغلبية السكان، بالكاد توفر احتياجات أولادها.
تفكير الحكومة فى بيع اللقاح للمواطنين، تفكير شاذ ومرفوض بالمرة، وسوف يترتب عليه كارثة وبائية فى البلد، من أين يوفر رب أسرة ألف جنيه لتطعيم أفراد أسرته، أو حتى 500 جنيه، وهو غير قادر على توفير كمامات يوميًا لهم.
أتفهم أن تقوم الحكومة بعرض اللقاح للقادر فى المراكز الصحية أو المستشفيات الحكومية بـ 200 جنيه، يمكن أن يحصل عليها بسهولة ويقوم بتطعيم أفراد أسرته بعيدًا عن الطوابير والزحام، لكن أن تخطط لبيع اللقاح لجميع المواطنين، القادر وغير القادر، فهذا مرفوض وغير مقبول بالمرة، كما أنه جديد لم نسمع به من قبل فى دولة من دول العالم، حتى فى البلدان الأكثر فقرًا منا مصر.
إذا كانت الحكومة مصرة على بيع اللقاح للمواطنين، عليها برد المبالغ التى تبرع بها بعض رجال الأعمال.