عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

منذ اليوم الأول للإعلان عن ظهور فيروس كورونا المستجد فى الصين أواخر عام 2019، تابعت بقلق بالغ تطورات هذا الفيروس اللعين وسرعة انتشاره وأعراضه، وبدأت منذ ذلك الحين فى البحث عن سبل الوقاية من هذا الوباء الذى ينهش جسد الإنسان بوحشيه وبلا رحمة، ولم أجد سوى دعم مناعة الجسم واتباع إجراءات احترازية تمنع انتقال الفيروس من شخص مصاب أو من سطح يحمله.

ومع الإعلان عن أول حالة إصابة بفيروس كورونا فى مصر، بادرت مصر بوضع ضوابط شديدة تضمن سلامة المواطنين، وكنت من أكثر المواطنين التزاماً بتلك الإجراءات سواء فى أماكن العمل أو فى المنزل أو حتى فى الزيارات الميدانية بمواقع العمل المختلفة، مع الاهتمام أيضاً بتناول الفيتامينات التى تعمل على رفع المناعة، والتزمت بهذه الإجراءات شهوراً عديدة مع متابعة الأرقام والإحصائيات التى تعلنها وزارة الصحة كل يوم عن تطورات أعداد الإصابات التى كنت أظن أننى فى مأمن منها.

وذات ليلة، كنت أجلس فى منزلى بعد يوم عمل طويل وشاق، ورن جرس هاتفى ليبلغنى أحد الأصدقاء الذى التقيته فى مكتبى خلال اليوم بأنه أجرى مسحة أظهرت إصابته بالفيروس اللعين!! ولم تكن تبدو عليه أية علامات للإصابة، وأنا أيضاً لا أشعر بأية أعراض! قررت على الفور إجراء المسحة، ولم تكن الصدمة فى الإصابة بفيروس كورونا فحسب، بكل كانت صدمتى الأكبر فى البحث عن سبب وصول هذا الوباء اللعين إلىّ!!

لم أستغرق وقتاً طويلاً حتى بدأت العلاج، ولم تستغرق الأعراض أيضاً وقتاً طويلاً حتى ظهر الواحد تلو الآخر. ولم يرهقنى الفيروس ولم ترهقنى الأعراض بقدر ما أرهقتنى المخاوف والتفكير العميق فى مفهوم الحياة بشكل كامل، وبعد عزل استمر قرابة الـ15 يوماً بين إيجابية العينة وسلبيتها، توصلت إلى العديد من القناعات التى أطمح إلى أن تغير حياتى للأفضل خلال الفترة المقبلة.

ولعل أهم القناعات هى أن الفيروس لم يكن محنة كما كنت أتصور، بل إنه منحة كبيرة تتيح لنا الفرصة لنقف مع أنفسنا ونفكر فى أمور عديدة شغلنا عنها صخب الحياة اليومية وبريق العمل والنجاح. ولعل أهم هذه الأمور أسرتى الصغيرة التى غمرتنى بفيض المشاعر الدافئة التى كانت خير معين فى برد الشتاء. ابنتى الكبرى التى كانت الدعم والسند، وابنتى الصغرى التى لم تدخر أى جهد ولم تضع فى أولوياتها سوى شىء واحد، أن أعبر هذه الفترة بسلام. لقد كانت فترة العزل الإجبارى فى المنزل فرصة عظيمة لأتعرف فيها على جوانب إنسانية رائعة زرعتها فى أبنائى ولم يكن لدى الوقت لأتأكد من ثمارها.

وكنت دائماً على يقين بأن النظام الغذائى المعتمد على أكل صحى فى حياتنا اليومية أمر مهم للغاية، ولكن الوقت لم يكن حليفاً دائماً لتحقيق هذا اليقين كما ينبغى. وخلال فترة العزل تأكدت بما لا يدع مجالاً للشك أن حياتنا مهما كانت مستقرة فإنها ليست طبيعية ما دام نظامنا الغذائى غير منضبط.

وخلال هذه الفترة أيقنت تمام اليقين أن كل ما يتردد على وسائل التواصل الاجتماعى أو تطبيقات واتساب من وصفات أو نصائح لعلاج كورونا هى مجرد أكاذيب لا علاقة لها بالواقع، بل إنها تؤذى كل من يعمل بها بشكل أعمى دون استشارة طبيب متخصص، وذلك لأننى أدركت أن كل شخص يختلف عن الآخر فى الأعراض وأيضاً فى تأثير الفيروس على أجهزة ووظائف الجسم، فالفيروس حتى الآن ليس له نمط ثابت فى التأثير، وهو ما يتطلب علاجاً يناسب التأثير حتى إتمام الشفاء. بل إننى أيقنت تمام اليقين أن هناك أشخاصاً عجزوا عن مواجهة تداعيات الفيروس اللعين بسبب التعامل بشكل نمطى مع فيروس متحور وغامض ولم يكشف العلماء كامل أسراره حتى اليوم. والحقيقة أن الوصفات المتداولة قاتلة ولا بد أن نتوقف تماماً عن تداولها ونشرها.

ولعل القناعة الأهم فى هذه التجربة الصعبة هى أن الصحة النفسية والأهل والأصدقاء هم العلاج الأهم لهذا الفيروس اللعين الذى أتمنى أن تنجح جهود القضاء عليه فى أقرب وقت.

وختاماً، أوصيكم بالالتزام بجميع الإجراءات الاحترازية دون تقصير، وأتوجه بالكثير من الحب والود لكل من تفضل علىّ بالسؤال، ووافر الشكر والامتنان لكلماتكم الجميلة والرقيقة والمشجعة، وأسأل الله الشفاء العاجل لكل مرضى «كورونا»، والحماية والنجاة لكل من لم تصبهم العدوى وأن يرحم ويغفر لكل من غادرنا بسبب هذا الوباء اللعين.