رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

رادار

 

 

 

سأله: كيف ترى «التعليم» الآن؟

بدون تردد أجاب: «امتحانات»!

ماذا يمثل التعليم بالنسبة للأطفال؟.. كيف ينظر إليه الآباء والأمهات؟.. وكيف تراه الجهات المسئولة عن إدارته؟

ثلاثة أسئلة خفية تسكن تفاصيل جدال شائك – وحاد أحياناً- لا يتوقف، وصنعت حالة من القلق - الذى لم ولن ينته- ما لم يتم البحث عن إجابة واضحة متفق عليها - لا يشترط بالضرورة أن تكون الإجابة الصحيحة – لكى نستطيع كمجتمع مداواة جروح التعليم بضمادات الاطمئنان والمرونة، حتى وإن كان العلاج التعليمى المتاح حالياً فى مواجهة وباء كورونا هو «امتحانات اليوم الواحد»!

ربما تتساءل الآن: هل كان ظهور وباء كورونا وانتشاره مطلع العام الماضى فى مصلحة مبادرات وخطوات تطوير التعليم؟.. هل ساهم الوباء فى استعجال التطوير كضرورة لا غنى عنها أم أنه -نقصد الوباء- كان عبئاً أثقَل كاهل الجميع، وتسببَّ فى حدوث أضرار جسيمة أصابت «سُمعة» فكرة التطوير فى حد ذاتها، ومدى قناعة الآباء والأمهات بجدواها؟

نتفق فى البداية على أن قرار إغلاق المدارس أو إعادة الفتح فى ظل وباء كورونا يبدو شأن «صحي» فى المقام الأول، ويرتبط بتحديثات وتقييم الوضع الصحى العام وصحة وسلامة الجميع، إلا أن وباء كورونا قد أوجد حالة استثنائية «تعليمياً» ليس على مستوى جدوى تطبيق التعليم عن بعد ومدى جاهزية المنظومة للتعامل مع الأزمة فحسب، وإنما فيما يخص مستقبل ومصير فكرة «الامتحانات المركزية» فى حد ذاتها!

مع ظهور وباء كورونا، وللحد من انتشاره وحرصاً على صحة وسلامة الطلبة، فقد ألغيت امتحانات دولية فعلياً فى الكثير من دول العالم العام الدراسى الماضي، وتم استبدالها بأدوات أخرى وحلول غير مألوفة -وربما مبتكرة- لتقييم الطلبة داخلياً من خلال المدارس؛ بعض هذه الامتحانات لا يزال على قائمة الإلغاء حتى تاريخه للعام الثانى على التوالي، ويبقى السؤال: ماذا بعد؟

سؤال مطروح للنقاش العام عالمياً فى هذه الأوقات: إلى أى مدى يمكن لمنظومات الامتحانات القائمة حالياً تعديل أوضاعها وتصحيح مسارها أم أنها قد فقدت صلاحيتها فى تعليم ما بعد كورونا؟

ما فعله وباء كورونا أنه أظهر الثغرات المسكوت عنها لسنوات طويلة فى منظومة التقييم والامتحانات عالمياً، فعندما كانت المنظومة فى حالة «التشغيل» لم تكن هناك أدنى حاجة للإسراع نحو ابتكار أدوات جديدة لتقييم الطلبة بديلاً عن هذه الامتحانات بصورتها وبنيتها التقليدية، لكن مع توقف منظومة الامتحانات اضطرارياً فى أغلب دولة العالم، ظهرت تلك الثغرات بدرجات متفاوتة تبعاً لخصوصية النظام التعليمى فى كل دولة على حدة!

وأنت تقرأ هذه السطور، تشكلت مجموعات عالمية عبر الانترنت للبحث والتفكير فى مستقبل الامتحانات والحلول المبتكرة بشأنها لما بعد كورونا، ودراسة مدى قدرة الامتحانات فى الظروف الحالية وبأدواتها الحالية على تقييم الأطفال وقياس مهارات التحصيل الدراسى لديهم ومهاراتهم الحياتية بشكل عادل، بل فى مدى أحقيتها كوسيلة وحيدة معتمدة ومعترف بها عالمياً لانتقال الأطفال من صف دراسى إلى أعلى، بل وتحديد مصيرهم فى رحلتهم وحياتهم مع التعليم من المدرسة ثم الجامعة إلى قطاعات العمل بمختلف أشكالها!

الخلاصة: فى لحظة ما احتلت «الامتحانات» محل «المدارس» التى لم تعد أولوية فى حياتنا.. أصبحت الامتحانات هى الغاية والطريق، والثقافة السائدة والفكرة الوحيدة المتفق عليها فى حكاية المعلم والتلاميذ ومن خلفهم الآباء والأمهات.. صنعت اقتصاداً موازياً، وباتت أخطر ما أصاب تعليمنا.. أخطر من وباء كورونا نفسه!

حفظ الله الجميع

[email protected]