عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

هذا عالم يحترف السرعة، والتغير والحركة الدءوبة. تتبدل أحواله وتتغير سماته فى أوقات قياسية.

مع التقدم المذهل فى العلوم والتكنولوجيا، صارت المستحيلات ممكنة، وأصبحت كثير من الأحلام والآمال الصعبة قابلة للتحقق. فالإنسان صار محورًا لأى تقدم أو تطور، وما يحدث فى الصين وفى كثير من الدول الصاعدة دليل على ذلك.

لقد كانت محنة كورونا بمثابة منحة لكثير من البلدان لتُغير سلوكيات شعوبها، وتختبر قدراتها وإمكاناتها على الإدارة الرشيدة، وتقتنع بأن الإصلاح عمل حتمى، شامل، ومستدام، وتجب متابعته دوريا، والعمل على حشد كافة الطاقات لإنجاحه.

وما حدث فى الصين مؤخرًا يُدلل على الفكرة التى سبق وطرحها كثير من المفكرين الأجلاء ومنهم الراحل جلال أمين عندما رفض فى كتابه «خرافة التقدم والتأخر» التصور القائل بأن هناك شعوبًا متقدمة بطبيعتها وأخرى متخلفة بطبيعتها، لأن الإنسان واحد، وأنه بالتعليم والتدريب والتوعية يمكن تغيير أى فرد. لقد بدأت الصين مشروعًا قوميًا عظيمًا للقضاء على الفقر المدقع لديها بحلول عام 2030، لكن ديناميكية العمل وشموله واحتشاد كافة مؤسسات الدولة لإنجاحه أدى إلى تحقق الهدف قبل عشر سنوات من الموعد المستهدف، ففى العام الماضى أعلنت الحكومة الصينية تلاشى الفقر المدقع لديها تمامًا.

وكما حكى الاقتصادى العالمى محمود محيى الدين، فإن دولة مثل كوريا الجنوبية ظلت عقودًا طويلة تتلقى معونات غذائية، وكان العالم يرفض اقراضها لوجود قناعة راسخة بأنها لا يمكنها سداد ما تقترضه، وكانت معظم التوصيات الدولية تنصحها بعدم الدخول فى مجال الصناعة والاستثمار وأن تنسى قضية التصدير، لكنها قاومت ورفضت بإرادة قومية وإصرار على استدامة الإصلاح.

وفى اعتقادى فإنه لا يمكن تحقيق أى تقدم دون إصلاح شامل ومستدام. ولاشك أن مصر من دول العالم التى خاضت منذ عدة عقود تجارب إصلاح عديدة ومتكررة، كان لكثير منها انعكاسات إيجابية على الحياة والبشر، لكن رغم ذلك، فإن توقف عمليات الإصلاح مرارا، وانقطاع السياسات، وتغير الحكومات كان سببًا فى عدم اكتمال كثير من برامج الإصلاح العظيمة.

وكنت قبل سنوات قد كتبت مقالًا أكدت فيه أن خطيئة عبدالناصر والسادات ومبارك كانت عدم اكتمال محاولات الإصلاح وانقطاعها لأسباب مختلفة. إننا نتذكر برامج تنمية وإصلاح وخطط تطوير تم الإعلان عنها مرارًا، لكن كان تغير الحكومة كفيلًا بوضع خطط الحكومات السابقة فى الأدراج والبحث عن خطط بديلة. كان كل مسئول يأتى يرفض المُضى فى تنفيذ سياسات سابقه، وكانت اعتبارات السياسة والرأى العام تقف حائلًا فى استمرار كثير من مبادرات الإصلاح، ولم تكن فكرة الإصلاح فى حد ذاتها فكرة شاملة لدى الجميع.

والآن، هناك وعى وإصرار وإرادة للتغيير لدى الدولة المصرية بمختلف مؤسساتها وهناك سعى حقيقى لتنفيذ فكرة الإصلاح المستدام، من خلال برامج وسياسات تبقى ملك الدولة المصرية وينفذها كل مسئول، ولا يؤثر تغيره على أدائها.

إن أحدًا لا يُمكنه أن يتجاهل ما يتم إجراؤه من تحديث وتطوير عظيمين فى كافة المجالات من تشريعات ونظم وقواعد ومواكبة للتكنولوجيات الأحدث ورفع لكفاءة الأفراد، وما نؤكد عليه ونوصى به هو أن يستمر الأداء وألا تنقطع تجربة الإصلاح كما جرى مع تجارب سابقة.

لقد قلت وكتبت مرارًا أن مع كل محنة، منحة، ومع كل تحد كبير تواجهه البشرية تتولد مجموعة من الفرص، وأتصور أن مصر تحديدًا لديها فرصة عظيمة للحاق بركب التطور ومسايرة التقدم العالمى من خلال إصلاحات جذرية شاملة تعمل على استثمار قدرات الإنسان وطاقاته.

إننا مقبلون على عشر سنوات حاسمة فى العالم، وهناك تغيرات كبرى فى موازين القوى، وهناك دول صاعدة، وأخرى هابطة، ولا شك أن الأمم الواعية هى القادرة على استغلال الفرص المتاحة، وأحسب أن مصر ستكون رقمًا مهمًا فى التغيرات القادمة.

وسلام على الأمة المصرية