عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

عاش الفلاح الفصيح فى ضمير هذا الشعب، أكثر مما عاش الكثير من ملوك الفراعنة ومن بعدهم القياصرة والخلفاء والرؤساء.. مع أن هذا الفلاح لم يبنى هرمًا، ولم يرفع مسلة عليها انتصاراته، ولم يصنع له أحد تمثالًا شامخًا.. ورغم ذلك ظل حيًا، وكأنه مازال بيننا، ومات الكثير ممن بنوا أهرامات ومسلات وتماثيل ولوحات رخامية تذكارية على المصالح الحكومية.. ومثل الفلاح الفصيح سيظل النائب البدرى فرغلى (1947- 2021) حيًا بعد وفاته!

والشرفاء فى مصر لا يموتون.. والشعب لا ينساهم أبدًا، ويظلون فى ضميره رموزًا وطنية، وأبطالًا شعبية، تتناقل الأجيال حكايتهم ومواقفهم، ويُضرب بهم الأمثال.. من أول الفلاح الفصيح، ومار جرجس، وعنترة بن شداد، وأبو زيد الهلالى، وأدهم الشرقاوي.. وحتى البدرى فرغلى، الذى غيبه الموت منذ أيام، ورغم ذلك سيبقى صوت الفقراء، ونائب البرلمان الذى لم يتسول يومًا أصوات الناخبين بل هم الذين دفعوه دفعًا إلى البرلمان ليحصل لهم على حقوقهم من الحكومات!

البدرى فرغلي.. رجل يستحق العزاء، ويستحق الرثاء، ليس لأنه عاش فقيرًا ومات فقيرًا وكان نصيرًا للفقراء وكل هذا الكلام الحلو.. بل لأنه كان شريفًا، ولم يكن فاسدًا.. وهى مشكلتنا الكبرى على مدى سنوات طويلة، أن عدد الفاسدين أكثر بكثير من عدد الشرفاء.. ولو تتبعنا أسباب تقدم الدول، على مر التاريخ ستتجمع كلها فى سبب واحد وهو وجود أكبر عدد من الشرفاء فى السياسة والاقتصاد والعلوم والفنون، وأقل عدد من الفاسدين فى كل ذلك.. وإن الحضارات والدول والأنظمة الحاكمة عندما انهارت كانت لسبب واحد وهو أن عدد الفاسدين فيها أصبح أكثر من عدد الشرفاء!

عاش البدرى فرغلى مدافعًا عن حقوق الآخرين.. وعندما مات كان على نفس المبدأ، حيث كانت آخر معاركه التى انتصر فيها لأكثر من 7 ملايين أسرة من أصحاب المعاشات بضم العلاوات الخمس المستحقة لهم.. وما أشرفها معركة، وهى لا تختلف عن كل معاركه من أجل البسطاء عبر مسيرة تجاوزت الخمسين عامًا منذ أن كان عاملًا، ثم نقابيًا، وبرلمانيًا لأربع دورات، ثم رئيسًا لاتحاد أصحاب المعاشات!

البدرى فرغلي.. ظل هو نفس الشخص الفقير المناضل ولم يتغير منذ أن كان عاملًا فى قسم الشحن والتفريغ بميناء بورسعيد، لمدة 25 عامًا، واستمر بروح العامل واخلاصه وأمانته عندما التحق بمنظمة الشباب الاشتراكى، وعندما اعتقل وهو لم يتجاوز 16 سنة بتهمة الإضراب، وكذلك استمر عندما حل ضيفًا على المعتقلات التى دخلها أكثر من 10 مرات فى حقب رئاسية مختلفة، وعندما انضم إلى صفوف المقاومة الشعبية بعد هزيمة 1967، وقاد إحدى كتائبها، وفى عام 1976 شارك فى تأسيس حزب التجمع، واُنتخب رئيسًا نقابيًا لشركة القناة للشحن والتفريغ، ثم عضوًا بمجلس محلى محافظة بورسعيد، ثم نائبًا فى البرلمان.. وبقى على حاله عاملًا شريفًا!

رحم الله البدرى فرغلي.. الذى سيظل يذكرنا أن مشكلتنا فى مصر كثرة المسئولين، وقلة الشرفاء!

[email protected]